استشارة نفسية، لماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمد كابتن الطائرة لصديقه ببطاقة (بيزنس كارد) تخص معالجاً نفسياً كان قد تردد عليه، ولأن صديقه مأزوم في علاقته الزوجية، فإنه ينصحه بزيارة هذا المعالج. يستغرب الصديق من أمر الكابتن، فلماذا يتردد على معالج نفسي من الأساس وهو غير متزوج من الأساس، يجيب الصديق قائلاً: ليس الزواج فقط ما يتسبب في تأزيم حياة الإنسان يا صديقي، هناك الكثير مما يقود الإنسان لشعوره بالوحدة والإحباط والاغتراب!

في الحقيقة نحن جميعاً متزوجون وغير ذلك، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً نعيش في عالم ليست البساطة واحدة من مميزاته، بل العكس تماماً، عالم محتشد بالتعقيدات التي لا تتوقف، عالم بقدر ما يقدم لنا كل يوم الكثير من أسباب ووسائل الراحة والرفاهية والمحافظة على الصحة وسبل العيش الآمن، إلا أنه في المقابل وكنتيجة لهذه الأنماط المتطورة جداً والمعقدة من الحياة والاستهلاك لا يمكنه أن يمنع ظهور التحديات والمشكلات والمواجهات اليومية!

التحولات في عالم اليوم المتسارع لا تتوقف، متطلباته كثيرة وعالية الكلفة، وعلى الفرد الذي يريد أن يعيش فيه ويتمتع بامتيازاته وإنجازاته أن يظل يقظاً ومستعداً باستمرار ليقدر على متابعته وخاصة أنه يعمق الاختلافات بين الأجيال وهذا بحد ذاته تحدٍ ليس سهلاً.

إن الخلافات الزوجية واحدة من هذه التحديات، وهي تتفاقم أحياناً إما لأن الزوجين لا يمتلكان الثقافة اللازمة لمحاصرتها ومعالجتها بشكل هادئ، أو لأنهما لا يرغبان باللجوء لمؤسسات المساعدة المجتمعية المتوفرة، وهنا إن لم يلجآ للطلاق فإنهما سيعيشان حياة بائسة بالفعل قد تقود أحدهما أو كلاهما للكثير من المنزلقات.

إن زيادة المتطلبات داخل الأسرة، ومنافسات بيئة العمل، فقدان الوظيفة، أو عدم الحصول على الوظيفة المناسبة، التحديات العالمية التي تنعكس على حياة الفرد لا محالة حتى وإن كانت تحدث في بلدان وأقاليم بعيدة، تحديات تربية الأبناء، فشل العلاقات العاطفية والصداقات، مرحلة فقدان التوازن ما بعد الطلاق أو فقدان الشريك.. كل ذلك عوامل تؤزم حياة الفرد المعاصر في مدن الحداثة، وهذا يدفعه للذهاب لطلب الاستشارة أو المساعدة النفسية.

Email