أفكار تغيرت وغيرتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال بأن الإنسان ابن ما تعود وتربى عليه منذ الصغر، وبما أن الإنسان يكبر وتصيبه عوارض التغير والتبدل، وتنقلب الحياة من حوله رأساً على عقب، لأنه لا شيء يبقى ثابتاً في مكانه، فالحياة ونحن قد مررنا وعرفنا مئات، بل آلاف الأفكار التي خبرناها، وتغيرت مع مرور الزمن وتغير الأحوال، لذلك نقول إن التغيير واحد من نواميس الكون الثابتة، فهو دليل استمرارية الحياة وديناميكية الإنسان، وسيرورة الوجود واستمراريته، الحياة هي المعادل الطبيعي للتغيير والنمو والحركة.

ارتبطت طفولتنا بأمكنة وأفكار لا تغادر الذاكرة، لكننا كبرنا وغادرنا أحياء الطفولة، وكبرت المدينة واتسع الأفق، وتدفق الزمن فينا وحولنا، فتغيرت فكرة الدكان الصغير الذي يبيع حلويات الصغار والبيبسي والعلكة، والذي كان لا يتسع إلا للبائع الواحد الذي هو مالك الدكان، صار (سوبرماركت)، يصول الزبائن فيه ويجولون، ويعمل فيه موظفون متعددون، يشتري منه الإنسان كل شيء يحتاجه ببساطة، مختصراً عدة دكاكين في مكان واحد.

ثم جاء الجيل الثالث من الدكاكين، والمعروف بـ (الهايبرماركت)، أي السوق العملاق، الذي يبيع كل شيء، من الإبرة وحتى أضخم الأجهزة الكهربائية، وصولاً للملابس والكتب والأطعمة، دون أن يفتقد الإنسان المقهى ومغسلة الثياب وأجهزة الصرف الآلي، وظلت الفكرة تتطور، حتى ظهر ما يعرف بـ (المول)، أي المركز التجاري الضخم، الذي لم يتوقف عند الأجهزة الكهربائية، بل امتد ليبيع لك كل ما يمكن أن يخطر ببالك.

ننظر اليوم إلى وجود سلة أو عربة للتسوق عند مدخل السوبر ماركت، باعتباره أمراً طبيعياً جداً، لكن السائد قبل 100 عام، أن الناس يحصرون قائمة مشترياتهم، ليقوم البائع بتجميعها ووضعها في حقيبة تسوق، إن افتتاح أول سوبر ماركت في العالم عام 1916 في ممفيس بولاية تينيسي، قد غيّر وجه العالم، وأحال أساليب التسوق التقليدية للنسيان، إن عربة التسوق، ووضع الحلويات والعلكة وما يشبهها عند منفذ دفع النقود، ليست من باب الصدفة، إنه علم التسويق، الذي ظهر ليعزز فكرة تطور الدكان، ويؤثر في المشترين.

Email