في التعاون والتطوع الثقافي

ت + ت - الحجم الطبيعي

التسامي على شعور الأنانية، والاستحواذ على المشهد، والاعتراف بدور الآخر وأحقيته في التكريم والإشادة والتعاون معه.. إلى غير ذلك من مظاهر العمل والتعامل الأخلاقي في جميع المجالات أمور أصبحنا نفتقدها للأسف لصالح التنافسات الضيقة والرغبة في الاستحواذ، وإن كانت كل المجالات في حاجة لهكذا قيم وسلوك فإن الميدان الثقافي والمثقفين هم الأولى بذلك بسبب طبيعة العمل الثقافي الذي يهدف لنشر الوعي والقيم والتنوير.

بلا شك، فإن التنافس والتسابق والاجتهاد أمور مطلوبة والرغبة في التفوق والنجاح هدف مشروع، لكن المقصود هنا مد جسور التعاون بين المثقفين والمؤسسات والمبادرات الثقافية حالة تدفع للأمل والفرح، فاعترافك بفضل الآخر ودوره هو أول الطريق لوجود عمل ومشاريع ثقافية قوية ومشتركة، أما الاستحواذ على كل شيء وادعاء التفوق المطلق ونكران الآخرين لأسباب شخصية أو صراعات ثقافية أو بسبب ضيق الأفق أو الجهل فإنه السبب الحاسم لنضوب الساحة الثقافية وإفلاسها وتدهورها.

المبادرات التكريمية التي تقدمها مؤسسة العويس مثلاً للأعمال الثقافية ولرواد العمل الثقافي العربي، وكذلك الجوائز التي ترصدها وزارة وهيئات الثقافة المحلية كلها محل تقدير واحترام، ويجب أن تحتذى على امتداد مؤسسات العمل الثقافي الأهلي والخاص معاً، لأنها مهمة وضرورية في هذا الوقت الذي نشهد فيها تراجعاً في إقبال الشباب المثقف على الانضمام للمؤسسات الثقافية ذات النفع العام.

وتتساوى الدعوة للتعاون بين المؤسسات مع ضرورة العمل على إحياء التوجه للعمل الثقافي التطوعي لدى الشباب، فمجتمعات الرفاه وتوافر كل شيء بين الأيادي وحالة التقدم والتطور التقني لا ينفي ولا يعني عدم الحاجة للثقافة والعمل الثقافي وانخراط الشباب فيه.

إن قيام ندوة الثقافة والعلوم، على سبيل المثال، وهي المؤسسة الثقافية الوطنية الرائدة بتكريم أندية القراءة في دولة الإمارات يعد مبادرة تستحق الشكر، ودليلاً على اعتراف المؤسسة بمساهمة الجهات الأخرى في العمل الثقافي الوطني، وأن هذا الإسهام يستحق التقدير والاحتفاء، ومن ثم فإن جمع هذه الأندية تحت سقف واحد هو بمثابة تقريب فعلي بين الأندية ودفعها ربما للقيام بمبادرات تعاونية مستقبلية رائدة.

Email