والمآسي صنعت التاريخ أيضاً!

ت + ت - الحجم الطبيعي

(12عاماً من العبودية) فيلم أمريكي من إنتاج عام 2013، يتناول السيرة الذاتية لرجل أسود حر يدعى سولمون نورثوب، اختطف في واشنطن العاصمة سنة 1841 وبيع إلى رجل إقطاعي في الجنوب الأمريكي، لتبدأ رحلة حياته كعبد سيعيش العذاب والمعاناة بكل أشكالها في إحدى المزارع بولاية لويزيانا، حيث لم يتمكن سولمون من إثبات أنه رجل حر، إلى أن أطلق سراحه بعد سنوات طويلة.

كمشاهد تتعاطف حتماً مع الرجل وأنت تتابع ملابسات ومفارقات حياته، وكيف انتقل من نعيم الحرية إلى جحيم العبودية، والطريق الذي قطعه ليصل إلى مزرعة قصب السكر ليذوق عذابات لم تخطر له يوماً، فتتساءل بلا شك: كيف عاش هؤلاء في تلك السنوات؟ وكيف احتملوا كل ذلك العذاب؟ ولماذا كل تلك الوحشية المفرطة في التعامل معهم؟

ستتذكر كل حركات التمرد والمطالبة بالحرية، وذلك الغضب الكامن في داخلهم والمتراكم خلال تاريخ من الذل والاضطهاد والتنكيل، التي عانى منها السود في أمريكا، كما ستتذكر الأعمال المهمة التي قدمتها السينما كسير حقيقية للمعذبين والمظلومين، في السجون ومزارع القطن والمصانع والمعتقلات، وستتذكر تلك المقولة المخيفة (لم يخلق الله وحشاً أسوأ من الإنسان، ولم يخلق الإنسان وحشاً أسوأ من الحرب)، ومع ذلك فإن الإنسان في حرب وسعي دائم للظفر بحريته وحقوقه.

الفيلم من إخراج ستيف ماكوين، تدور أحداثه في خمسينيات القرن التاسع عشر، حيث يصور بشكل قوي ومؤثر الواقع الوحشي للعبودية، فضلاً عن استكشاف الإرادة القوية للروح البشرية في توقها لحريتها وكرامتها وحقوقها.

يصور الفيلم الحقائق القاسية للعبودية، بما في ذلك الإساءة الجسدية والعاطفية، والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية. أقوى وأبشع مشاهد الفيلم هي تلك التي تصور وحشية الملاك الإقطاعيين، المتمثلة في عمليات الجلد للفتاة باتسي، إلا أنه ووسط تلك الظلمة كانت تبزغ من عمق المأساة لحظات من الإنسانية بمثابة شهادة على قوة الروح البشرية في مواجهة الشدائد الهائلة، وأن هذا التاريخ لم تصنعه جيوش الرومان وفلاسفة الإغريق والكشوف الجغرافية والثورة الصناعية فقط!.

Email