فهرنهايت 451

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت منذ زمن رواية «فهرنهايت 451» لكاتب معروف هو راي برادبري، نشرها لأول مرة عام 1953، حتى هنا والأمر يبدو عادياً جداً، قارئة مغرمة بالكتب، قرأت رواية تبدو قديمة بعض الشيء ! ولكن، هيا بنا لنفكك بعض التفاصيل، التي قد تجعل من الخبر الأقل من عادي ليس كذلك على الإطلاق !

المثير في الأمر هو العنوان كما تلاحظون، والذي يرتبط مباشرة بالموضوع، فـ 451 درجة فهرنهايت تعادل 232،8 درجة مئوية، تخيل عزيزي القارئ مقدار درجة الحرارة ! لكن لماذا ؟ إنها درجة النيران التي كانت تضرم من أجل إحراق.. الكتب، نعم الكتب، وليس لتذويب أو صهر الحديد أو أي معدن آخر ! أما كاتب الرواية فهو الكاتب الأمريكي راي برادبري !

تحكي الرواية قصة نظام قمعي يقوم بغزو العالم في المستقبل، مستغلاً التلفزيون للدعاية لنفسه، يتحرى بشكل دائم عن وجود أي نوع من الكتب، ويقوم بحرقها على درجة «451 فهرنهايت»، ذات يوم يخالف رجل الإطفاء المسؤول عن مهمة الحرق وهو بطل الرواية المدعو مونتياج الأوامر، ويرتكب جريمة قراءة رواية تحرضه على قراءتها جارته المثقفة كلاريس، ومنذ تلك اللحظة يقع مونتياج في حب الكتب والتراث الإنساني العريق، الذي يقوم بإحراقه كل يوم دون أن يعلم شيئاً عن ذخائره وكنوزه، وهنا تبدأ أحداث الرواية في التصاعد انطلاقاً من فكرة الصدام مع السلطة.

لم تنشر الرواية في الاتحاد السوفييتي زمن ستالين ولا في النازي زمن هتلر ولا في البرتغال زمن سالازار، لكنها نشرت في قلعة الديمقراطية الولايات المتحدة عام 1953، كموقف رافض من قبل مثقفي أمريكا على الإرهاب، الذي مارسه السيناتور جوزيف مكارثي على الكتاب والمثقفين في أمريكا في تلك الحقبة، التي ساد فيها ما عرف بالمكارثية، عندما كان يتم توجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة لصالح الاتحاد السوفييتي دون أية أدلة، ما قاد إلى حبس عدد من الكتاب والسياسيين بهذه التهم، التي ثبت بطلانها لاحقاً، فجاءت الرواية رداً على ذلك الإرهاب.

إنه أحد أهم أسباب قراءة الروايات: أن نعرف التاريخ وتطور المجتمعات، وما يحدث في العالم.

Email