ماذا لو عاد بك الزمن..؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أننا عدنا بالذاكرة كثيراً (وليس قليلاً كما اعتدنا أن نقول) إلى أيام الصبا، سنوات المراهقة، بدايات الشباب، عندما كنا نعبر بعضنا بصعوبة بالغة وبعضنا بسهولة مرور النسيم، سنوات المرحلة الإعدادية في المدرسة، لو عدنا إلى ذاك البعيد في المكان والزمان ونظرنا إلى ما كنا نقرأ، فماذا سنجد؟

أغمض عينيك جيداً، وحاول أن تسير في جنبات البيت الذي كنت تعيش فيه تلك السنوات، وتذكر: أين كنت تضع كتبك الخاصة بك؟ ما هي تلك الكتب بالضبط ؟ ماذا عن المجلات الفنية التي كنت تشتريها خلسة من وراء أهلك، ودواوين نزار قباني، ومجلات الكوميكس أو المجلات المصورة للأفلام الإيطالية لتتابع فيها أخبار نجومك الإيطاليين الوسيمين جداً؟ هل أثرت فيك تلك الكتب والمجلات؟ هل صنعت ذائقتك؟ هل أسهمت في وعيك بدرجة ما؟ وماذا لو عاد بك الزمن؟ هل كنت ستقرأ كل تلك الكتب وستختار ذلك التخصص الدراسي؟

سؤال / ماذا لو عاد بك الزمن إلى الوراء؟ هل كنت ستختار … الدراسة التي اخترتها / الوظيفة التي أمضيت فيها عمرك كله / الزوجة أو الزوج الذي ارتبطت بها أو به / هل كنت ستبقى حيث أنت أم ستختار واقعاً آخر؟ هذا السؤال (ماذا لو عاد بك الزمن …؟) يبدو لي سؤالاً غريباً جداً، سؤالاً غير موضوعي أبداً، وهو ليس سؤالاً من الأساس، فالسؤال في أصله استفسار عن مجهول يبحث عنه طرف ويملك الطرف الآخر إجابته، فما المجهول هنا؟ المجهول في الماضي عبارة عن غيب مطلق، فكيف أسأل شخصاً عن أمر غيبي؟!

كل إنسان اليوم قطع رحلة حياة اختارها بنفسه، وإن كانت قدره المحتوم، ولو عاد للحياة مراراً وتكراراً فسيختار الحياة نفسها؛ لأنها حياته المقدرة له، إن السؤال حول القدر والغيب والإجابة في وسط المسافة ما بين التسيير والتخيير، ولو خير الإنسان ما بين الغيب والواقع لاختار الواقع؛ لأنه يعرفه جيداً، لذلك لو عاد ثانية إلى نقطة الصفر فسيختار ما اختاره في المرة الأولى!

Email