الرحلة رقم...!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسوأ ما يمكن أن تواجهه في رحلة تقطعها عبر مطارات العالم، بعد أن تجتاز إجراءات السفر، وبعد أن تستلم بطاقة صعودك للطائرة، وتنطلق سريعاً في ممرات تشعرك أن لا نهاية لها أمران: أن تتلكأ أمام سحر البضائع والألوان والروائح في محلات السوق الحرة وتنسى نفسك والوقت، وحين تنتبه، تكون الطائرة قد أغلقت أبوابها، ساعتها ستدخل في دوامة يعرفها من مر بها!

والأمر الثاني غالباً ما يحدث بشكل مباغت، وبدون مقدمات، عندما يقترب منك شخص طالباً منك بتذلل أن تضيف حقيبة صغيرة يمدها إليك إلى أمتعتك فاحترس وأعرض عنهم بلا تردد. في أحد المطارات اعترضتني امرأة شدتني من طرف قميصي، بينما كنت أتلفت يميناً ويساراً باحثة عن رقم البوابة التي تقود للطائرة!

استوقفتني تلك السيدة بطريقة لم أتمكن من تفاديها، حدثتني بعربية واضحة وشرحت كثيراً عن أختها وأولادها الذين غادروا المطار دون أن تتمكن من اللحاق بهم، وهي الآن وحيدة وبلا أي مال! ما هو المطلوب؟ «أسألها باستعجال!»، فتجيب دون تردد: بعض المال للتاكسي ولشراء وجبة غداء! إنه نوع من النصب بلا شك. حدقت فيها باستغراب وانطلقت للبوابة رقم …

بعد مضي أكثر من ساعة توتر الجميع، فنحن مسمرون في مقاعدنا ولا عطل في الطائرة يستدعي هذا التوقف. سألت المضيفة فأجابتني بأن الطائرة تنتظر ركاباً متأخرين عن الرحلة! وزاد من غضب الركاب سوء الطعام المقدم، كدت أصرخ فيها، لكنني تأكدت لاحقاً أن الخدمة حين تسوء في مؤسسة أو شركة فمن المؤكد أن كل من فيها قد تضافروا لتحقيق ذلك السوء، والعكس صحيح، فكما أن طريق التميز والتفرد لا نهاية له، فإن طريق الفشل والتراجع لا نهاية له كذلك.

لم يقدم قائد الطائرة أي اعتذار للركاب، أو توضيح عما جرى، هل لدي اعتراض؟ أبداً، كنت طامعة في كأس عصير برتقال لا أكثر، فاكتشفت أن هذا حلم بعيد المنال، وبمجرد أن حلقت الطائرة بدأت فقرة المطبات الهوائية!

Email