حفلة شاي قديمة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاشتغال بالكتابة اليومية، سواء كنت تكتب في الشأن العام، أو في الثقافة، أو حتى في شؤون السينما، ليس بالأمر السهل، إنه أشبه بورطة كبرى، يقع فيها الكاتب بإرادته أولاً، لكنه في ما بعد يكتشف مدى جسامتها، وحين يكتشف، يكون الوقت قد فات فعلاً، إذ تصبح الكتابة ساعتها قدراً ومسؤولية، لا مجال لتخطيها أو التخلي عنها بسهولة.

إن البحث الأبدي الذي لا يتوقف عن فكرة مختلفة كل يوم، ثم التفكير مراراً في الطريقة المثلى لتحويلها إلى موضوع شيق وسلس، ومكتوب بلغة قريبة لذهن القارئ ومزاجه، كل ذلك يمر ببال الكاتب كل يوم، قبل أن يجلس ليكتب ما مقداره 300 كلمة لا أكثر، لكنها قد تستولي على نهاره كله، لأجل أن يكتب بشكل يجعل القارئ يقبل على ما يقرأه بشعور عميق، إنه حقيقي، ويعنيه تماماً، لذلك سيقرأه حتى آخر كلمة فيه.

الكتابة الجيدة التي تصل للقارئ، لا تخص المقال فقط، إنها تتمدد لتشمل المسرحية والقصة والرواية والقصيدة، هذه الكتابات، لا تحتاج إلى توصيات نقدية، ولا جوائز عالمية لإقناع القارئ بها، إنها تحتاج فقط لأن تكون مكتوبة للقارئ، وأن تصل إلى قلبه وعقله بسهولة، دون تعقيدات، من المهم أن تكون الكتابة ذكية، لكن دون أي محاولة للتذاكي على القارئ، وإشعاره بالعجز أمام أستاذه الكاتب!

إن موضوعاً حول الشاي، مثلاً، يمكنه أن يكون مقالاً في السياسة، ببساطة وذكاء، ذلك يعتمد على زاوية الرؤية وثقافة الكاتب، وبالرغم من قدرة الكاتب على تسييس الشاي، أو تحويله إلى مدخل أنثروبولوجي للتعرف إلى شعب من الشعوب، إلا أن الإشارة للشاي هنا، جاءت على سبيل المثال، لا أكثر، للدلالة على مدى ضيق الهامش أحياناً، وضرورة امتلاك الكاتب لسرعة الاستجابة، كحال الجندي في المعركة، وامتلاك القارئ لفضيلة التفهم، فالكاتب يختار أفكاره فقط، لكنه لا يتحكم في الآلية التي تحولها إلى رغيف ساخن، يتقاسمه صباحاً مع قرائه، أو إلى بسكويت محروق يلقى به جانباً!

بمناسبة الشاي، لنتحدث عنه غداً!

 

Email