حرق القرآن جريمة وليس حرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن هذا المشهد سيتكرر كثيراً، حرق القرآن الكريم جريمة عنصرية مقيتة يتم ارتكابها وتكرارها منذ سنوات طويلة بلا رادع، وبلا موقف أوروبي رسمي سوى بعض الإدانات الخجولة.. لماذا؟ لماذا تتكرر؟ لأن الغرب يريد أن يثبت تحقيقه أعلى مراتب التحرر، والحرية لا تعني التحرر. أمّا لماذا لا يتم ردع الظاهرة بقوة القانون؟ فلأنهم يعتبرون حرق القرآن شكلاً من أشكال حرية التعبير، وهنا يسقط الغرب في عمق التناقض!

فمن السويد إلى لاهاي، حيث مقر محكمة العدل الدولية، إلى مدينة درسدن في ألمانيا… إلخ، حيث يتوالى فعل حرق القرآن ومناهضة الوجود الإسلامي، والشعار هو نفسه: رفض التطرف والتعبير عن مخاوف الأوروبيين من الإسلاميين المتشددين، الذين ظهروا بسبب دعم الغرب لهم واستخدامهم كأدوات تخريب، فأين ميثاق حقوق الإنسان واحترام الأديان والمعتقدات، وسيادة القانون الذي يفترض به حماية الأفراد المسلمين في دول أوروبا وخارجها؟ وكأنه لا وجود له طالما الأمر لا يمس الغرب ومصالحه!

إن الغرب على ما يبدو ينظر إلى حرية التعبير والتفكير واختيار المعتقد وحقوق الإنسان وكأنها حقوق حصرية لشعوبه فقط، أما الآخرون فإنه يسمح بالتجاوز على دينهم وحقوقهم، على اعتبار أن هذا حرية تعبير، وليس تجاوزاً، من دون أن يفكر هؤلاء بأنهم بفعلهم هذا يظهرون للعالم وجهاً عنصرياً بعيداً تماماً عن كل شعارات التحضر والعلمانية.

وفعلياً فحرق المصحف اعتداء سافر، وسلوك مقيت، لا يقود إلى الاستقرار، ولا يبني الثقة، وعليه فالسؤال المطروح: لماذا يعتبر حرق كتاب مقدس يمثل أعلى رمز لأمة تعدادها مليار ونصف المليار حرية تعبير، وليس جريمة كراهية موجهة ومقصودة؟

الغريب ليس في تناقض بعض دول الغرب وتصرفهم بمنطق عنصري شديد التطرف خدمةً لأجندات انتخابية ربما، ولكن في أن يناصر بعض المسلمين هذه الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتبرون حرق القرآن حرية تعبير! فيا سادة، إن حرية المعتقد تتلخص في اختيارك الدين أو رفضك له متحملاً نتيجة خيارك، لكنّ اعتداءك على مقدسات دين ومشاعر ملايين المسلمين هو جريمة لا علاقة لها بالحرية.

 

Email