الرسائل

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كنتم من كتاب الرسائل قديماً فهل ما زلتم تكتبونها حتى اليوم؟ أقصد تلك الرسائل التي كتبتموها سابقاً في مطلع شبابكم أو في أيام التلمذة؟ هل تظنون أن كتابة الرسائل اليوم يمكن أن تكون ذات جدوى؟ لا أقصد رسائل الهاتف القصيرة، إنما تلك الرسائل التي نكتبها بقلوبنا، ثم نودعها في صناديق البريد الحمراء، ونلصق في جهتها اليمنى من الأعلى طوابع بريد بحسب البلاد، التي ستذهب إليها الرسالة؟

لقد شكلت هذه الرسائل أدباً قائماً بحد ذاته، ولعل من أشهرها في تاريخ الأدب بشكل عام: رسائل ميّ زيادة إلى جبران خليل جبران/ ورسائل كافكا إلى خطيبته ميلينا/ والرسائل المتبادلة بين الشاعرين الكبيرين محمود درويش وسميح القاسم/ رسائل الكاتب الروسي الكبير نابوكوف «صاحب رواية لوليتا الشهيرة» إلى زوجته فيرا، وهي رسائل مهمة وخطيرة/ الرسائل المتبادلة بين الزعيم الهندي غاندي وأديب روسيا الفذ ليف تولستوي/ وغيرها الكثير مما نشر مؤخراً في كتب ترجمت إلى معظم اللغات.

تأملوا تأثير الرسائل على أصحابها:

ذات يوم وصلت إلى جبران خليل جبران ثلاث رسائل من ميّ زيادة فكتب يقول: إن يوماً تجيئني منك رسالة واحدة لهو من الأيام بمقام القمة من الجبل، فما عسى أن أقول في يوم يجيئني بثلاث رسائل؟ ذلك يوم أنتحي فيه عن سبل الزمن، لأصرفه متجولاً في إرم ذات العماد.

أما دوستويفسكي فقد تألم جداً عندما لم يجد رسالة من آنّا غريغوريفنا، فكتب بحرقة يقول: بالأمس تألمت كثيراً حينما ذهبت إلى البريد، بعد كتابة رسالتي إليك، وقالوا لي: لا رسالة منك. تراخت قدماي وكدت أسقط. لم أصدق، الله يعلم ماذا خطر في بالي، وأقسم أنني لم أصادف يوماً مثل هذا الألم والرعب.

أما كافكا فيطلق صرخات التوسل لميلينا بأن تكتب له ولو كلمة واحدة فيقول: واكتبي لي كل يوم، وبأي طريقة كانت، حتى لو كانت بطريقة مختصرة جداً، بل أكثر اختصاراً من رسالة اليوم، وحتى لو كانت رسالة بسطرين فقط، أو بسطر واحد فقط، أو بكلمة واحدة فقط، ولكن إن لم أتلق أياً منها فسوف أعاني معاناة كبيرة جداً.

 

Email