الكذب والتجمل!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتذكرون بلا شك فيلم (أنا لا أكذب ولكني أتجمل) الذي قام ببطولته الراحل (أحمد زكي) الذي أدى في الفيلم دور (إبراهيم) الطالب الجامعي الفقير بل المعدم الذي يعمل والده حفار قبور وأمه خادمة في البيوت، بينما يتورط هو بعلاقة مع زميلته الغنية فيكذب مدعياً الغنى، كي يمرر نفسه ويصبح مقبولاً بين أصحابه في الجامعة.

إن الفكرة التي يقوم عليها هذا الفيلم هي حجر الأساس التي يقوم عليها إعلام التواصل الاجتماعي ومشاهيره الذين يكذبون على الناس ليل نهار من خلال ترويج أفكار ومقولات وسلوكيات غير مقبولة ولا تفيد الناس في شيء ولا تخدم حياتهم، هؤلاء يتجملون بالكذب والادعاء ونشر التفاهات وإشغال الناس ليجمعوا أكبر قدر ممكن من المتابعين والإعجابات، ليحققوا الشهرة التي أصبحت هدف الجميع اليوم!

إعلامية عربية، بدأت تجربتها في مجال التمثيل فلم تفلح، فجربت حظها في الغناء، ثم اتجهت نحو تقديم البرامج التلفزيونية، في محاولة منها لأن تصل لهدفها عبر محتوى إعلامي مقبول، ولكنها فشلت في كل ذلك، لأنها لم تنجح في تحقيق أي حضور جماهيري.

كان يفترض بها أن تترك الإعلام وتذهب لتجرب وتجد نفسها في مجال آخر، تعمل فيه وتجتهد لتحقق أحلامها. إن هذا هو المنطق العقلاني أو الأخلاقي الذي ما عاد رائجاً أو معمولاً به للأسف، السائد لدى هؤلاء هو منطق الشهرة والإثارة لتسلق الشهرة، ولذلك لبست هذه المذيعة قناعاً مغايراً واستعارت صوتاً مثيراً شديد السماجة ركبت به موجة الإثارة الاجتماعية، التي أوصلتها للشهرة بأسرع مما كانت تحلم!

وهذا بالضبط ما قاله إبراهيم الفقير في الفيلم (أنا لم أفعل أكثر مما فعلت تلك التي تتجمل عند الكوافير وتغير شكلها، أنا جملت وضعي حتى يقبلني المحيطون، لأنني عندما واجهتهم بوضعي الحقيقي لم يقبلوني مثلما قبلوني حين ادعيت أنني ابن عائلة غنية)!

إنه التفسير الجاهز للكذب والخداع الذي يمارسه الكثيرون على قنوات السوشيال ميديا تحت ذريعة نحن لا نكذب ولكننا نتجمل! فهل يراهم المشاهد والمتابع كاذبين؟ وإذا كان يراهم كذلك ويحتج عليهم وينتقدهم فلماذا يتابعهم ويزيد من مساحة شهرتهم؟

 

Email