تقديس الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين سمعوا عن الدكتور ألبرت شفايتزر، (1875 - 1965)، يعرفون أنه فيلسوف وطبيب وعالم ديني وموسيقي ألماني حصل على جائزة نوبل للسلام عن فلسفته حول تقديس الحياة. فإذا تتبعنا حياة ومساعي هذا الفيلسوف علمنا بأنه عاش حياته مؤمناً ومدافعاً عن هذه الفكرة حتى وفاته وفق مبدأ (أنا مخلوق وأريد أن أعيش في وسط مخلوقات تريد هي أيضاً أن تعيش).

فكيف تحترم الحياة؟ بأن يقاوم الإنسان إرادة الهدم، وظروف القمع والشر، وكل ما من شأنه أن يجعل الفرد سبباً في فناء وتدمير حياته وحياة الآخرين، ولذلك فهو يرى أن الحضارة الغربية ستدمر نفسها حينما ستتخلى عن روح التسامح الحقيقية وجوهر الأخلاق، الأخلاق هي الحارس الأكبر للحياة القويمة، وانعدامها لا يقود إلا للحروب والجهل والظلام والكراهية والدمار، والعودة لعصور ما قبل التنوير والنهضة.

إن إرادة التدمير الكامنة في السلوك الدولي والفردي واعتقاد البعض بأن حياته ومصلحته قائمة على تدمير الآخر وسحقه ليست وليدة الأزمنة الحديثة كما قد يعتقد البعض، إن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض وهو يواجه هذا الخيار: بقاءه في مواجهة تدمير الآخر، فكيف يصل الإنسان إلى تحقيق مبدأ احترام حياته وحياة من يشاركونه الحياة على الأرض؟

ليس من طريق أفضل من الوعي وإعمال الفكر أكثر من اتّباع الآراء السائدة والمنتشِرة، فهذا الترويج للكثير من الأفكار المدمرة تحت شعارات شوفينية وإنسانية وحقوقية ليس سوى خداع كبير لن يقود الإنسان إلا إلى دماره ودمار حضارته، وها نحن نشهد معارك وحروباً وآلاف القتلى والدمار تحت شعارات الحرية والحقوق والمساواة!!

يؤمن ألبرت شفايتزر بقوة أن الدنيا، لكي نعيشها بشكل صحيح، علينا أن نمتلك قلباً برقة الفراشة وجلداً ثخيناً كجلد وحيد القرن لنحتمل ونستطيع السير بصلابة في هذا العالم! بما أنه لا يمكننا أن نضع جانباً المُثل والقيم العُليا التي ٲنشأتها المجتمعات الإنسانية ورسختها الأديان لضمان سلامة الحياة، إنها واحدة من مقومات تقديس الحياة، فلا يخدعونكم بقيم خبيثة بحجة حقوق الإنسان، إن الإنسانية لن تستمر بالخبث والخبائث.

Email