أشجار يحميها القانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ عدة سنوات أطلقت مدينة دبي مشروعاً بيئياً وحضارياً جديراً بالاحترام، استوقف الكثيرين، فكتبوا عنه وأشادوا به، واعتبروا أن دبي التي تفكر بحماية الأشجار قانونياً هي مدينة تسير في الاتجاه الصحيح، ولا عجب أن تصبح كما نراها اليوم مدينة تحمي إرثها وأشجارها وهويتها ولغتها، رغم كل ما يحدث فيها من مظاهر التطور الفائق والتكنولوجيا وناطحات السحاب.

في دبي، وعلى جذوع المئات من أشجار الغاف المعمرة، ثبتت بلدية دبي منذ عدة سنوات لوحات خشبية تحمل عبارة تحذيرية تختصر قانون ترقيم الأشجار المعمرة وحمايتها في دبي، والعبارة هي: «هذه الشجرة محمية بالقانون، يمنع إتلافها أو قطعها أو نقلها دون تصريح من إدارة الحدائق العامة والزراعة».

تريد دبي أن تقول بحسم ووضوح إن هناك مكاناً لكل أحد وكل شيء في دبي، وإن كل هؤلاء محميون بالقانون، فدبي مدينة قانون أولاً، ثم هي مدينة متسعة كفضاء الله، وكقلب محب، تستوعب الجميع، وترحب بالجميع، وتحتفي بكل التفاصيل، وتعطي لكل أحد ولكل شيء حقه وصوته وفضاءه كي ينمو ويكبر ويعلو ويعانق عنان السماء، الطفل، المرأة، والسائح، وحتى الشجرة، نعم حتى الشجرة لها حقوق، وليس مجرد يوم كرنفالي يحل ويمضي دون أثر ونسميه يوم الشجرة، فدبي لها قصة حميمة مع الشجرة، وتحديداً الشجرة الجذر، المعمرة، الغاف.

تمتلك شجرة الغاف بصمة وراثية، وسلالة ممتدة تتفرع منها أنواع في بيئة الصحراء، لذلك أصدرت لها بلدية دبي «بطاقة هوية»، وقانون حماية، وقبل ذلك بسنوات أصدر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، توجيهاً بمنع قطع أشجار الغاف، وبلغت غرامة قطع الشجرة الواحدة منها 50 ألف درهم، كما اعتمدت رسمياً شعاراً لعام التسامح،

لأن الغاف شجرة تشبه المنارة، والأسطورة، شجرة قديمة تذكر بأصوات البحارة، ووجوه الجدات وأصدقاء الطفولة، وملح البحر، ورائحة الجفاف، ولون الصحراء، وصوت المجداف في أكف الصيادين وهو يرتطم بالموج ثابتاً وقوياً كشجرة الغاف التي تشبه أرضها وأهلها.

Email