من يكتب لمن ؟ (2-2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الصحافة كما في الأدب، فإن العاملين والمنتمين حقاً لهذين المجالين ليس من عمل لهم سوى الكتابة، ولذلك يفترض بداهة ألّا يأتي للصحافة من ليست له موهبة الكتابة أو من لا يحمل شغف العمل في بلاط مهنة البحث عن الحقيقة وفي رواية أخرى البحث عن المتاعب، لكنه سواء بحث عن هذه أو تلك فلن يكتب إلا باللغة الجميلة والشغف الحقيقي.

في الأدب فالأمر لا يختلف، بل على العكس تماماً، فإذا لم يمتلك الشخص أدوات ومهارات الكتابة وموهبة التعبير وسحر اللغة فكيف يكتب ويعبر وكيف يستعيد إنتاج الواقع عبر أشكال الأدب العظيمة (الرواية والقصة والمسرحية والقصيدة.. الخ)؟ ولماذا يذهب للأدب من لا علاقة له بالأدب؟

ظل هذا السؤال عالقاً بلا إجابة مقنعة، بل مشرعاً أمام التكهنات والاجتهادات: هل هي الرغبة في الشهرة، والتواجد، واجتذاب الأضواء؟ هل لأن الادعاء في الأدب أسهل من أي مجال آخر؟ فأنت تحتاج لأداء عملي كأن تغني أو تعزف أو تمثل، لتثبت أنك عازف أو مغنٍّ أو ممثل، في حين لا تحتاج الكتابة لذلك، يكفي أن يقدم أحدهم نصاً، رواية، مقالاً، قصة.. يضع عليها اسمه ليعتبر كاتباً، ثم يستمر في إقناع الناس أنه هو الكاتب مصحوباً ببعض النقد والدعاية الجيدة، وغالباً ما يصدق القراء!

هناك من يطمح إلى مجد الكتابة، حتى وهم لا يكتبون، هؤلاء يحلمون بهذا المجد الذي لا يملكون مفاتيحه، فيذهبون لمن يكتب لهم، تأتي النصوص جاهزة فلا يفعل سوى وضع اسمه ويمضي مستريحاً، لكن بمجرد أن يتحدث أو يطلب رأيه في شأن من شؤون الأدب وغير الأدب، أو حين يجلس على منصات المناقشات تتضح الحقيقة بجلاء، ويعود السؤال: لماذا؟ لماذا تنتشر هذه الظاهرة في الأدب؟ وما العوامل التي تعمل على استمراريتها وتقويتها؟ كيف يمكن التصدي لها ومواجهتها؟ ومن المستفيد من تفشي هذه الظاهرة وتدعيمها؟

Email