ماذا نريد وكيف نصل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابه «قلق السعي إلى المكانة» يرى آلان دي بوتون أن حياة كل شخص بالغ محكومة عادة بقصتي حب كبيرتين: قصة حب عاطفية، عاشها وشكلت منحى مهماً في حياته، لذلك يظل يرددها ويتغنى بها، هذا الحب معترف به، محتفى به إنسانياً واجتماعياً، أما القصة الثانية فهي قصته الدائمة لبلوغ حب الناس ورضاهم، والمؤلف هنا يعتقد أن هذا الحب، رغم أنه يشكل المساحة الأكبر من اهتمام الإنسان ومخططاته، إلا أنه لا يعترف به علانية، بل يكاد ينكره أحياناً بدافع المكابرة، وكأنه قصة حب مخجلة.

ما الذي قاد بوتون لهذا الاستنتاج، وهل صحيح أن الإنسان البالغ محكوم في حياته بهذا السعي فعلاً؟ السعي لبلوغ مكانة الرضا؟ لننظر إلى إنسان ما سيحتفل بعيد ميلاده غداً، أو لآخر سيودع عاماً انقضى، ليستقبل عاماً جديداً بعد عدة أيام، أو لشخص ثالث يشارف على الخمسين من عمره أو يزيد، كل هؤلاء كنماذج بشرية وغيرهم ملايين، ما السؤال الذي يلح عليهم في مثل هذه الوقفات الحاسمة، ما الذي يقلقهم وهم يقفون مودعين عاماً أو مرحلة، ومستقبلين أخرى؟

لنفكر معاً في الاحتمالات والتساؤلات، التي يمكن أن نطرحها نحن كباقي الأشخاص، ألا نتساءل مثلاً: ماذا حققنا؟ ماذا نريد أيضاً بعد كل ما وصلنا إليه؟ أو ما الذي تحقق من أحلامنا التي حلمنا بها، وما الذي لم يتحقق؟ كيف ينظر لنا الآخرون: العائلة، الأصدقاء والمجتمع؟ هل أنا شخص مقبول ومحبوب؟

في كتاب «قلق السعي إلى المكانة»، يقنعنا آلان دو بوتون بالمنطق والمواقف والمعلومات، إلا أن سعينا لأن نكون أشخاصاً محبوبين اجتماعياً سعي طبيعي، وربما فطري كذلك، وأن حصول الشخص على هذا الرضا أو الحب، هو جواز العبور إلى الوظيفة الجيدة، والمكانة والمال، والنفوذ، لذلك فإن هذا الرضا يتقدم على أي شيء آخر، وربما هذا ما يفسر اندفاع الجميع نحو السوشيال ميديا، وعرض أنفسهم وحياتهم وخصوصياتهم كذوات مثالية جميلة متفوقة لنيل الشهرة والرضا والمكانة.

Email