في المعاني اللانهائية /القوة

ت + ت - الحجم الطبيعي

القوة واحدة من المعاني اللانهائية، فهي في الفيزياء لها تعريف، وفي السياسة لها تعريف مغاير، ولها في العلاقات العامة معنى، وفي الأخلاق والحياة.. وهكذا، فالقوة فيزيائياً هي ما يؤثر في أي جسم ثابت أو متحرك، فيسبب تغييراً في حالته أو اتجاهه أو موضعه أو حركته، أما في السياسة فيشار لقوة الدولة في العلاقات والنظام الدولي، عبر امتلاك قوة عسكرية فائقة أو اقتصادية ضاربة، ويميز علماء السياسة بين نوعين من القوة داخل النظام السياسي «الدولة»: القوة الصلبة (الجيوش والأسلحة والحروب)، والقوة الناعمة (الصناعات الثقافية والدبلوماسية ووسائل الإعلام).

هناك قوة قد تبدو غريبة ومثار تساؤل للبعض، ولمن يسمع عن هذا المصطلح للمرة الأولى، إنها ما يعرف بـقوة الخطأ الفائقة، تلك القوة تعني أن تتحول الأخطاء المدمرة في أي مجتمع (الفساد، تدني وانعدام الخدمات، فساد النظام المالي والتعليمي و.. إلخ) إلى نظام سائد ومقبول في هذا المجتمع، هذا الفساد أو القصور الكبير لا يظهر للناس بهيئة الخطأ، ولا يعبرون عنه باعتباره خطأ، بقدر ما يظهر على أنه مؤسسات موجودة ومتكاملة، فهناك آلاف المدارس والجامعات ومؤسسات الخدمة والجيوش، إذن الصورة مكتملة كما تظهر من الخارج، لكن بفحص هذه الصورة من الداخل، يتضح مدى التناقض بين الصورة الكاملة والصورة الحقيقية، لكن هذا التناقض يصب في صالح المظهر عادة، والذي يتم امتداحه، وإعلاء شأنه عادة في تلك الأنظمة الفاسدة، وهنا يكتسب الخطأ قوة فائقة حين يجد من يدافع عنه.

لقد دخلت الرياضة والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والاتصالات ضمن أدوات القوة الجديدة، التي أصبحت عناصر مفاضلة بين الأنظمة العالمية، خاصة أن اللجوء للجيوش والغزو لم يعد هو الخيار الأول، في ظل تراجع القوة الاقتصادية، وموارد الطاقة في الكثير من دول العالم.

ما يجعل المعاني لا نهائية هي قدرتها على التمدد في كل الفضاءات، واكتسابها تلك المرونة كي تعيد إنتاج نفسها،عبر مفاهيم وتجليات جديدة، ومتجددة باستمرار كمفهوم القوة، الذي نعالجه مفاهيمياً هنا.

Email