أخلاقيات الصورة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحقيقة صعبة جداً، ومتطلبة كامرأة حسناء، ليس من السهولة نيلها أو الوصول إليها بلا مشقة، هكذا تبدو الحقيقة وهكذا يبدو الظفر بذهن ناقد وعقلية منهجية، تحكم على الأمور وفق معايير وأسباب ومسببات، لا على أساس الظواهر وما يبدو جلياً على سطح الأحداث، فحتى الأدلة القاطعة في مسرح الجريمة يمكن أن تكون تختلق أو يتم التلاعب بها.

إن الوصول للحقيقة يتطلب ذهناً بارداً، ذلك أن التريث والتبصر هما أول ما يضيع منا تحت حرارة الاندفاع، والحقيقة تتطلب عقلاً قادراً على الانسلاخ عن الموضوع الذي يعالجه أو يحكم عليه، لأنك عندما تكون طرفاً في الصراع أو الظاهرة لا يمكنك أن تعطي حكماً موضوعياً والمفروض أن لا يتوقع منك أحد ذلك، فمن بديهيات التقاضي أن لا يكون الشخص خصماً وحكماً في الوقت ذاته.

والوصول للحقيقة يحتاج منك أن تتخفف من نزعاتك ونزواتك ومن رغبة الانتصار لنفسك والتباهي بانتصار وجهة نظرك كي ترفع يدك في آخر المطاف بعلامة النصر (هل رأيتم لقد انتصرت وجهة نظري، أنا الذي كنت على صواب)، إن الباحث عن الحقيقة يفترض به أن ينتصر للحقيقة لا لنفسه، لأن الحقيقة يمكن أن تكون في أي مكان، لذلك عليه أولاً أن يفتش عن هذا الوحش الذاتي في داخله فيقمع صوته، لأنه أول ما يلتهمه هو العقل الناقد الذي يفند وينظر للأمور بموضوعية.

إن زاوية الكاميرا في أي مشهد مصور، والزاوية التي التقطت منها الصورة لا يتم اختيارها بعبث، إنها زوايا مقصودة، تصنع بدقة لتعبر عن وجهة نظر الوسيلة الإعلامية أو الصحفي أو المصور، لذلك يتم التقاط المشهد بشكل خبيث من أجل خداع الناظر أو القارئ، وهذا ما يعرف بسطوة الصورة ودورها الخادع.

لذلك تنبهت مؤسسات العمل الصحفي وأساتذة الإعلام فأرسوا ميثاقاً لـ(أخلاقيات الصورة) يتوجب على كل صحفي أن يطّلع عليه، ذلك أن الناس اليوم مستلبون تماماً إزاء الصورة بكل أشكالها، ولذلك يمكن استغلالها لخداعهم وتمرير أي رسالة من خلالها.

Email