أسوأ القراء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك أنواع كثيرة من القراء، كما أن هناك أصنافاً متباينة من الكُتاب والكتابات، وفي ما يتعلق بتفسير أو قراءة ما يكتب والتعليق عليه، فهناك صنفان من البشر: نوع يعلق ليتحاور ويفهم أكثر، ونوع آخر يعلق ويكتب ليستفز الكاتب ويوتره، ويخلق ساحة للخلاف لا أكثر، وبالتالي، فهو يجر الكاتب إلى ساحة مبارزة كلامية خاسرة.

إن أسوأ القراء (على قلتهم)، هم أولئك المستسلمون لشهوة الخلاف من أجل الخلاف، أولئك الذين يقرؤون ويفسرون بسوء نيّة، لذلك، فحين يقرؤون ما تكتب، لا ينتبهون لمواطن الجمال والخير والمعنى، ولكنهم يجعلون من أنفسهم موظفي مختبرات، يحللون دم الكلمات والعبارات، يفتشون، كموظفي الجمارك، ما بين الفواصل والسطور، بحثاً عن خطأ غير مقصود، أو جملة تحتمل أكثر من تفسير ومعنى، ليعاملوك، في ما بعد، مثل متهم.

ما إن يجد أحد هؤلاء حدثاً تناولته أو أبديت رأيك فيه، حتى تنفتح شهيتهم، فيسارعوا لتفسير كلماتك بغير ما تحتمل، هؤلاء هم أسوأ القراء لأي كاتب في هذه الحياة، هذا الصنف من القراء، تدعو أن يباعد الله بينك وبينهم، إنهم أشبه بالصداع المقلق، وبالامتحان الحقيقي، وطالما هو امتحان، فلا بد من الاستعداد، وأخذ الحيطة والحذر، وأول الحذر، ألا تدخل معهم في مماحكات أو جدل، لأنهم إنما يعلقون ويكتبون ليستفزوك ويستثيروك ويوقعوك في الخطأ، لا رغبة في الحوار من أجل معرفة أكثر، وفهم أوسع!

تستمع إلى أغنية أعدتها مطربة لبنانية، فتكتب (إن هذه الأغنية لا تمت لقيم ولا لروح المنطقة وتقاليدها بصلة، إنها تقليد مشوه لنمط الكولومبية شاكيرا، وقبح فني لا مثيل له)، فينبري لك أحدهم (هل كانت ستكون قبحاً لو كانت في مكان آخر؟)!!

يريد أمثال هذا القارئ، اختلاق فتنة أو زوبعة من لا شيء، يريد دفعك إلى الخطأ، ليبتسم منتصراً، فكن حذراً في مواجهة التفاهة، فما عادت طرقات الكتابة سهلة، وهي لم تكن سهلة يوماً!

Email