الكتب الأكثر مبيعاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي ظاهرة ليست حديثة بالنسبة للمجتمعات الصناعية والغربية في أوروبا والولايات المتحدة، لكنها شقت طريقها إلى ألسنتنا وأسماعنا مع تنامي حركة الطباعة والنشر والتوزيع في مجتمعات الحداثة العربية في النصف الأول من القرن العشرين، كما في مصر وبلاد الشام والعراق، بينما عُرف مصطلح «الكتب الأكثر مبيعاً» لأول مرة في عام 1889 في مدينة كانساس سيتي، بولاية ميزوري الأمريكية.

إن الفارق بيننا وبين الغرب فيما يخص هذه الظاهرة لا ينحصر في زمن ظهور المصطلح، ولكن في مدى مصداقية قوائم الكتب الأكثر مبيعاً على حركة طباعة الكتب وتوزيعها، وتأثيرها على الجماهير، ففي المجتمعات العربية نكاد لا نحتكم كثيراً للإحصاءات والأرقام الموثوقة، مع ميل شديد للأحكام الضبابية وغير الحاسمة.

هناك مؤسسات في الغرب تتصدى لمهمة إصدار هذه القوائم، تتشارك فيها المكتبات المستقلة والناشرون وتجار التجزئة والموزعون ونقاد الكتب، وهؤلاء تشكل قوائمهم ثقلاً ومصداقية عالية، بحيث إن شهرة الكتاب لا تتحقق من مقولة: إنه الكتاب الأكثر توزيعاً، إنما إذا سطر على غلافه عبارة «الكتاب الأعلى مبيعاً حسب تقييمات النيويورك تايمز»، على سبيل المثال !

هناك اعتبارات ومعايير وأرقام مبيعات معينة تلعب دورها كي يتأهل الكتاب لدخول سباق الأكثر مبيعاً، وكمثال على ذلك في بريطانيا مثلاً، يتوجب على الكتاب أن يبيع ما بين 4000 نسخة إلى 25000 خلال أسبوع الطرح الأول، ليكون من بين الأكثر مبيعاً، وهنا يقف باعتداد ظاهر كتاب هاري بوتر مثلاً بأرقام مبيعات، تجاوزت الـ 200 مليون نسخة في أسبوعه الأول فقط !

كيف يحدث أن تحصل الكتب على هذا الزخم من الاهتمام والانتشار؟ لأن الكتاب تجاوز منطقة السلعة الكمالية أو غير الضرورية، ليصبح احتياجاً وضرورة بالنسبة لجميع شرائح المجتمع صغاراً وكباراً، ولأن هناك بورصة للكتب، وملاحق ونقاداً تغير آراؤهم وتقييماتهم مواقع وشهرة الكتب بين الجماهير، وعليه فالكتب تمكنت من أن تصبح صناعة تسهم في الناتج القومي لهذه البلدان، التي تتجاوز منشوراتها من الكتب مئات الآلاف سنوياً.

Email