في المعاني اللانهائية/ اليقظة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف ظهرت القهوة؟ ولماذا تم الاحتفاء بها منذ ظهورها قبل مئات السنين وحتى اليوم؟ ببساطة جازمة لأنها صنو اليقظة والسهر.

وبحسب ما أثبته كتاب «ألف اختراع واختراع» فإن العالم يستهلك ما يقارب ملياري فنجان قهوة يومياً، وهي كمية كافية لتملأ أكثر من 300 مسبح أولمبي، هذا المشروب الذي تشرع لأجله أبواب ملايين المقاهي حول العالم، وآلاف المحلات المتخصصة في تقديم القهوة فقط، وما لا يعد ولا يحصى من الحوانيت، التي تبيع حبوب القهوة بكل أشكالها وأنواعها، وباختصار فإن العالم واقع في غرام القهوة منذ اكتشفها قبل 1200 عام، وعرف أنها تقوده إلى بوابات السهر السحرية!

ما الذي يعنيه أن لا تشرب القهوة؟ تظن أن الأمر عادي جداً، لا يا صديقي، فالناس تنظر إليك بعين الشك أو الاستغراب أو التعجب والسخرية أحياناً، لا تشرب القهوة، إن ذلك من عجائب الأمور، أو أنك توقفت عن تناول القهوة، يا خسارة لقد افتقدت واحدة من متع الحياة الدنيا، هكذا يظن البعض إما أن تشرب القهوة وإما أن تكون من أنصار الشاي، ولا حلول وسط!

لذلك يحلو للكثيرين أن يدخلوا إلى أماكن عملهم ومكاتبهم في ساعات الصباح الباكر وهم يحملون أكواب القهوة على طريقة أبطال الأفلام الأمريكية، فهذه هي الطريقة المثلى لتحديد صورتك وهويتك بين أقرانك، بأن تحرص وأنت تدخل على أن تكون يقظاً ومرحاً ومقبلاً على الحياة، إياك والسلبية، فالحياة لا تحتمل المزيد منها!

رجال الحراسة الليلية، موظفو وعمال المناوبات، الأطباء، الطيارون، الطلاب الذين يستعدون لامتحانات الغد، المعلمون العاكفون على إعداد الدروس ووضع الامتحانات لساعات متأخرة، والصوفيون هم الذين يشربون القهوة بكثرة، ليبقوا يقظين طيلة الليل، تتجافى جنوبهم عن النوم سعياً للعبادة والذكر، وينضم لهؤلاء العشاق الذين تظل عيونهم وقلوبهم في يقظة دائمة، ولكنهم لا يحتاجون إلى القهوة فيما أظن، ففي دمائهم تشتعل حرائق، تكفي لتركض بين عيونهم مهور السهر، وخيول اليقظة.

 

Email