في القاهرة لأول مرة /1

ت + ت - الحجم الطبيعي

بمناسبة احتفالاتنا مع أحبتنا المصريين بمرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تهل بخاطري ذكرى زيارتي الأولى للقاهرة، كان ذلك قبل اثنين وعشرين عاماً، بدت زيارتي الأولى متأخرة، لكنها الزيارة التي لطالما تمنيتها منذ كانت زميلات المدرسة يقصصن أخبار إجازاتهن التي قضينها هناك.

كانت زيارة القاهرة حلماً تحقق كما لم أتوقع، فقد تقرر تشكيل وفد رسمي إماراتي لحضور مؤتمر القمة الأولى للمرأة العربية عام 2000، الذي ينعقد تحت إشراف جامعة الدول العربية، جاءتني الدعوة الكريمة من وزارة الخارجية الإماراتية، وكنت يومها أعمل في صحيفة «البيان»، انطلق الوفد من مطار أبوظبي ذات صباح، لأجد نفسي بعد عدة ساعات في القاهرة.

في فندق الهيلتون هليوبولس، وبصحبة عدد كبير من السيدات المشتغلات في مؤسسات المرأة، ووسط الحفاوة المصرية المعهودة، وجدتني في منتصف المسافة بين القاهرة التي في خاطري، وقاهرة عام 2000، بين قاهرة أم كلثوم ونجيب محفوظ وحارات القاهرة القديمة، ومسرح الريحاني ويوسف وهبي، بين الهيلتون والمنارات الصقلية، وقاهرة حي الحسين وشارع المعز ومسجد السلطان قلاوون وحي الغورية والجمالية وخان الخليلي، والكثير من الأمكنة والتفاصيل التي كانت قد استقرت في ذهني ووجداني مذ تفتح وعيي على حب القراءة، فقرأت أدب نجيب محفوظ ويحيى حقي وخيري شلبي، وغيرهم، وعشقت مصر.

كان عليَّ أن أمنح جدول المؤتمر الذي جئت لأجله الاهتمام الأكبر، وقد كان، فحضرت والتزمت بجميع جلساته وبرامجه طوال النهار، لكن في تلك الساعات المتأخرة من ليل القاهرة، حيث تفتح المدينة قلبها للعشاق والباحثين عن المعنى، وما وراء الصور والجدران والحكايات، في ذلك الليل كنا نخرج في صحبة حلوة لندخل قلب القاهرة الدافئ، لنستمع إلى أنفاس المنتظرين أمام أبواب الحسين في ذلك الليل البارد، فأجلس على مرمى نظرة أرقبهم، وبيننا رصيف وخطوات، هم يلتحفون أمنياتهم، وأنا أرتشف شيئاً من (كباية) الشاي المسكّرة التي وضعها النادل أمامي حين جلست في المقهى المقابل لمسجد الحسين.

Email