استغلال يجب التصدي له!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاستغلال هو كل تصرف يتم بقصد الانتفاع بشيء أو تحقيق غاية بتصرف معين ولكن بطريقة لا أخلاقية. فحين يدفع رب عمل لموظف أو أجير أقل مما يستحق، أو يطلب منه أن يعمل فوق طاقته فهو يستغل جهده وعرقه بغير وجه حق، وهذا أمر مجرّم قانونياً.

اليوم نجد صوراً لا تعد ولا تحصى من الاستغلال، تمارس ويتم المجاهرة بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت غطاء أو عناوين براقة، فيستغل الأبوان أو الأسرة طفلهما أو طفلتهما على برامج الـ«تيك توك» أو «انستغرام» وغيرها لجمع أكبر قدر من المتابعين والمعجبين عبر مقاطع قصيرة مضحكة أو مسلية لهذا الطفل أو تلك الطفلة بغرض تحقيق غايات مادية صرفة، حيث يتم تصوير الطفل في مواقف ومشاهد تستجلب الضحك أو التعاطف، أو وهو يتحدث ويتلفظ بألفاظ نابية أو أكبر من عمره!

وهناك آلاف الصفحات والحسابات تستغل النساء الطاعنات في السن (الأمهات والجدات) أو أصحاب الإعاقات المختلفة بالطريقة نفسها وللهدف ذاته: تحقيق مكاسب مادية عبر أكبر عدد من المتابعين والمشاهدين والمشاهدات! ألا يتوجب تجريم مثل هذه التصرفات وحماية الأطفال والكبار من مهووسي السوشال ميديا؟

إن مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) تجاوز كل الحدود، فما دام المنشور أو المقطع سينتشر بسرعة البرق، وسيتم تداوله في المجتمع، وسيناقش في برامج البث المباشر، فلِمَ لا؟ لقد استدرجت الشهرة والمكاسب الكثيرين لتصوير مثل هذه الفيديوهات.

فحين يتعرض رجل للابتزاز على يد امرأة، أو تتعرض امرأة لموقف ما يستوجب تدخل الشرطة، لماذا عليهم تصوير المشهد وإذاعته للظهور بمظهر الضحية، لماذا يلجأ البعض لتصوير الاعتداء بدل التدخل لمنعه، لماذا يقوم البعض بتصوير الفعل الذي يتنافى مع الأخلاق والقانون ووضعه على حسابه ليحقق أعلى نسبة مشاهدات، بدل اللجوء لرجال الشرطة ليقوموا بواجبهم؟

إن تجاوز القانون ورجال الأمن، ولجوء البعض للسوشيال ميديا ليس حلاً على الإطلاق، إنه تكريس للفوضى والسماح أكثر لتحويل الحمقى والمبتزين إلى نجوم ومشاهير، وهذا لن يقودنا إلا لمزيد من التجاوزات في المجتمع.

 

Email