إدمان !

ت + ت - الحجم الطبيعي

إضافة إلى أن تصفح مواقع التواصل وحسابات الأصدقاء فيها وغير الأصدقاء مضيعة حقيقية للوقت، لا تعود غالباً بأية فائدة عملية ملموسة على المتصفح، فإن الدخول اليومي إلى مواقع التواصل، خاصة للذين يمتلكون حسابات في معظمها، تسحب الشخص تدريجياً من منطقة الفضول إلى حالة الإدمان الحقيقي.

لا يرتبط «الإدمان» بالمخدرات فقط، هذه فكرة غير صحيحة تماماً، فالإدمان بحسب علم النفس وعلماء السلوك هو رغبة قهرية في القيام بسلوكيات وتعاطي بعض المواد الضارة بحيث لا يستطيع الإنسان التحكم في إرادته تجاهها، لذلك يستمر رغماً عنه في تعاطيها، والإصرار على فعل أي شيء للحصول عليها، مع ميل واضح لزيادة الجرعة أو الكمية، فجسد ودماغ الإنسان المتعاطي لا يمكنه الاستغناء عما أدمن عليه بسهولة، بل تصبح فكرة التوقف مؤلمة جداً، ويحتاج صاحبها لتدخل طبي ونفسي لتعديل سلوكه.

يحدث هذا مع المواد المخدرة والكحولية، والسلوكيات المنحرفة، وتصفح مواقع التواصل، والتعود على مشاهدة الصور والأفلام اللاأخلاقية، كل هذه الأشياء تتغلغل في كيمياء الدماغ وتعمل على تغيير معادلات الفعل والاستجابة، كما تربط تلقائياً بين ما يتعاطاه وما يحصل عليه من متع مؤقتة، ومع عملية التعود هذه يصبح الخلاص أمراً يحتاج إلى تدخل خارجي ليتم إعادة ضبط الدماغ من جديد وتعديل سلوك الشخص وهذا يستغرق وقتاً قد يطول أو يقصر حسب مستوى الإرادة واحترافية طرق العلاج.

في أوروبا، ونتيجة تزايد الإدمان على استخدام الإنترنت فقد ظهرت بالفعل عيادات نفسية متخصصة لعلاج مدمني الإنترنت واستخدام الموبايل، حيث تشترط على المنتسبين الاستغناء عن هواتفهم نهائياً قبل الانضمام لبرامج العلاج. الغريب أن عدداً كبيراً من طالبي العلاج لم يتمكن من إكمال البرامج العلاجية، لعدم قدرتهم على البقاء بعيداً عن هواتفهم النقالة. هذا تفسير عودة البعض لمنازلهم بعد قطع مسافات طويلة للجهة المتوجهين إليها، بسبب نسيان هواتفهم في المنزل، مع أنهم ذاهبون للسوبرماركت أو مقابلة صديق وفي غير حاجة للهاتف غالباً، لكنه الإدمان!

Email