أوروبا إلى اليمين سر 2 - 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه أوروبا في هذه المرحلة نحو اليمين المتطرف، لكن لماذا؟ إن هذا التوجه ليس وليد الأزمات الحالية، فقد ظهر هذا اليمين فترة ما بين الحربين العالميتين، لأسباب تعود لانهيار الاقتصاد وتفشي البطالة، ثم جاء انهيار الاتحاد السوفييتي، فظهرت من صلبه مجموعة من دول التفتت إلى أصولها العرقية، كما تسبب الاتحاد الأوروبي في إشعال اهتمام الأوروبيين بأصولهم القومية.إن للأزمات الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة والجريمة، دوراً بارزاً، حيث جعلت الأوروبيين ينظرون بكراهية للأجانب الذين يرون فيهم مزاحمين على الوظائف، وخاصة المسلمين منهم، وعليه، تنامت الدعوات المتطرفة لكبح جماح الهجرة، والتضييق على المهاجرين المسلمين، خاصة بعد تزايد العمليات الإرهابية، التي نفذها إسلاميون متطرفون بدورهم!

من هنا، عاد الجدل بشأن موقف اليمين الأوروبي المتطرف، من الإسلام والمسلمين إلى الواجهة من جديد، مع نشر السياسي اليميني الهولندي المتطرف «خيرت فيلدرز»، زعيم حزب الحريات اليميني، مقطع فيديو على حسابه على «تويتر»، عنون له بعبارة «لا للإسلام، لا لرمضان.. حرية، لا للإسلام». وهو لا يمثل حالة مفردة في أوروبا، فما جاء في الخطابات الانتخابية للإيطالية جورجيا ميلوني، لا يقل عدائية وتطرفاً.

فهل يغادر المسلمون أوروبا؟ واقعياً، يعتبر السؤال غير موضوعي، ومتسرعاً جداً، فرؤساء الأحزاب اليمينية المتطرفة، يحتاجون إلى دعم وأصوات أتباعهم في الانتخابات، لذلك، فمن الطبيعي أن يتم استخدام هذه اللغة العدائية، لكن السياسة في نهاية المطاف، تتحدث لغة المصالح، لأنها علم الواقع والممكن، وبلا شك، فإن ملايين المسلمين في أوروبا، يشكلون وزناً ضخماً ومهماً في الحياة العامة، وفي عجلة اقتصاد ضخم، بحاجة دائمة للأيدي العاملة في قارة باتت تعاني من شيخوخة حقيقية، إذن، فالتضييق ليس في صالح أوروبا واقتصادها ومجتمعاتها ورفاهيتها!

إن ممارسة السلطة، تختلف عن خطابات الحملات الانتخابية، فهناك سياسات الداخل، وهناك علاقات مع الخارج، والذي يشكل العالم العربي والإسلامي ثقلاً حقيقياً فيه، بسبب تدفق أموال الاستثمارات وموارد الطاقة الرخيصة منه، إضافة للعلاقات الدبلوماسية التاريخية، هذه العوامل محددات مهمة، سيكون لها وزنها بلا شك.

 

Email