شبكات التواصل.. حدود الخطر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع بزوغ فجر القرن الواحد والعشرين، كان العالم على موعد مع ثورة جديدة ستضاف لسجل الإنسانية الحافل بالتغيرات والأحداث الكبيرة، ثورة علمية تقنية غيرت وجه العالم وأنماط الإعلام والعلاقات الإنسانية، كما وأثرت في مجمل حياة الأفراد وأفكارهم وقيمهم، حتى وصل تأثيرها إلى خلخلة أمن واستقرار الدول عندما حفرت مساراً في طريق إثارة الناس وإشاعة الفوضى وتغيير المفاهيم.

إنها الثورة التقنية التواصلية التي كان أكبر تجلياتها بروز ما عرف بشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام الاجتماعي، لقد كانت تلك الثورة الاتصالية هي التطبيق العملي لنظرية أستاذ الاتصال مارشال ماكلوهان (العالم كقرية صغيرة)، أما شبكات التواصل نفسها، وما يحصل فيها وعليها، فإنها تعد وبحق الانتصار الصرف لمبدأ «التدفق الحر للمعلومات والأنباء»، والذي حاربت الولايات المتحدة سياسياً لإقراره سنوات طوالاً في أروقة الأمم المتحدة، لتفرض تفوق دول الشمال الغنية المتقدمة إعلامياً على دول الجنوب الفقيرة والمحافظة في تلك السنوات البعيدة، والتي فرض عليها بالقوة مبدأ رفع الرقابة والقيود على محتوى الإعلام بشكل عام، فكان السبب الأول في اختفاء وزارات الإعلام من كثير من الدول.

إن محتوى شبكات التواصل الاجتماعي، وما تضج به من حوارات وصراعات وقضايا، شكلت على الدوام موضوعاً جدلياً لم يهدأ منذ عرف أفراد المجتمع طريقهم إلى هذه الشبكات، التي يرى البعض فيما يدور فيها حراكاً اجتماعياً طبيعياً ضمن سياقات تاريخية حتمية كبرى حدثت في العالم أجمع، وعبرت عن نفسها بأشكال عديدة ومتعددة، إذاً، فما يحدث ليس سوى حلقة من حلقات تطور المجتمعات الإنسانية لا يستدعي القلق أو الخوف والتجاذبات!

بينما يرى آخرون، وهم كثر، أن ما يحدث هو في الحقيقة انفجار معرفي وتقني يشكل تهديداً واضحاً لكثير من ثوابت وبنى المجتمعات وحتى الدول، إنه تهديد لتماسك الأسرة ومنظومات القيم والأخلاق، ومدخل لثورات أكثر خطورة لعل أوضحها الثورة الجنسية التي تحفر تحت أساسات الكثير من المجتمعات، وشيوع الكثير من الحوارات في هذا الاتجاه مبرر قوي يمنع النظر إليها ببراءة!

 

Email