المكتبة البشرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعرف المكتبة باعتبارها مجموعة منظمة من مصادر المعرفة التقليدية: كالكتب والمصادر والصحف والصور والمخطوطات والمواد المسجلة والأفلام وأخيراً أضيف إليها المواد الرقمية، وفي الحقيقة ففي البلدان المتطورة أضيف للمكتبات نوع جديد ومبتكر، هو المكتبة البشرية، حيث الكتب هم الأشخاص، فهناك آلاف الأشخاص من فئات الأقليات تحديداً، يتطوعون في المكتبات التي تعمل بنظام الكتب البشرية، على استعداد لمشاركة الآخرين تجاربهم وقضاياهم والإجابة على أسئلتهم.

فكيف يعمل نظام المكتبة البشرية؟

في هذا النوع من المكتبات، والذي ظهر أولاً في الدنمارك عام 2000، بحسب تقرير أذاعته (قناة الحرة حول مكتبات بشرية في الولايات المتحدة) فإن الأشخاص هم الكتب، والقارئ يستطيع استعارتهم من الموقع الإلكتروني للمكتبة، وإجراء لقاء معهم عبر الإنترنت أو في مكان عام وطرح الأسئلة للوصول لصورة أكثر موضوعية وبعيدة عن اللبس.

ففي معظم المجتمعات هناك آلاف من الأشخاص، ينتمون لأقليات عرقية أو دينية معينة، وثقافات متباينة، ويعانون من أزمات قد لا يعرفها الآخرون، تتسبب فيها تلك الصورة النمطية المتداولة عنهم في المجتمع، الأمر الذي يعرضهم للتمييز والتنمر والتحيز والاتهام الدائم والنظرة الدونية القائمة على الجهل بكل ما يتعلق بهم، من هـؤلاء مثلاً: المهاجرون، المعاقون، العاطلون عن العمل، المحجبات في المجتمعات الغربية، أصحاب الديانات المغايرة عن ديانة المجتمع، أصحاب الأمراض النفسية، المعنفون أو المتحرش بهم… إلخ.

ولإزالة اللبس وتصحيح المفاهيم الخاطئة تم ابتكار هذا النوع من الكتب البشرية، يكون صاحب التجربة أو القضية على استعداد للحديث بصدق عن تجربته ومن منظوره الشخصي، لتصحيح الصورة لدى الآخرين ولفهم نفسه كذلك، ما يعني أن هناك رغبة مشتركة لتخطي مشاكل التنميط والأحكام العامة المسبقة، خاصة في المجتمعات التي تمتاز بتركيبة سكانية مختلطة ومتباينة ثقافياً وعرقياً، وتسعى للاستقرار والسلم المجتمعي والبناء للمستقبل، حيث التقارب الإنساني واحد من أهم مؤشرات هذا السلم، فهل يمكن أن نشهد هذه المكتبات في مجتمعاتنا؟

Email