عذراً عزيزتي الأم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في المقهى الصغير، في المدينة الأوروبية الصغيرة، والتي لا يتعدى عدد قاطنيها الـ 10,000 نسمة، فإن هذه المدينة باتت في السنوات الأخيرة تجتذب ما لا يقل عن 270,000 سائح، معظمهم من الخليجيين، وحيث ينفقون الملايين، التي تسهم في تنشيط الاقتصاد، وإنعاش السياحة بشكل وضع تلك المدينة على قائمة أفضل وجهات السياحة الأوروبية، لقد بدأت المدينة تصدر إحصاءات وأرقاماً للإنفاق السياحي، وتأثيراته الإيجابية على المدينة !

كما بدأت تشهد إقامة أعداد متزايدة من الفنادق، ومجمعات الشقق المفروشة، وخدمات البقالة والمطاعم العربية، في هذه المدينة، وبحسب موقعها، والنشرة الإخبارية التي تصدرها، فإنه من غير المسموح رسمياً المساس بالسياح أو التعرض لقيمهم وتقاليدهم، شريطة ألا يتجاوزوا قوانين البلاد بأي شكل.

في ذلك المقهى الذي اعتدت الجلوس فيه بشكل يومي، يتشارك المئات من الناس الجلوس، وقضاء أوقات هادئة، أناس ينتمون لثقافات وبلدان مختلفة، يجمعهم شغف السفر والتجوال، والرغبة في التمتع بجمال الطبيعة وعطاياها، التي تفيض على كل التفاصيل حولك في هذه المدينة، لكن هؤلاء البشر المختلفين لولا احترامهم لخصوصيات بعضهم بعضاً، ولولا هذا الوعي المتسع، الذي يتحركون به لما أمكنهم الجلوس تحت مظلة واحدة، لذلك بدت ردة فعل تلك المرأة جارحة للسمع، وغير لائقة أبداً.

لقد دخلت مصحوبة بأكثر من عشرة أشخاص، أكثرهم صغار ومراهقون، سحبوا الكراسي من أماكن متفرقة، وصفوها حول طاولتين، ليتمكنوا من الجلوس معاً، أحدثوا ضجيجاً، وسدوا على النادل مدخل المقهى، بأدب وحزم، طلب منهم تحريك الكراسي في الحال، ليتمكن من المرور بسهولة، نظر الصغير محرجاً إلى أمه منتظراً موقفها، قالت له بلا مبالاة: «ما عليك منه خله يولي، ما باقي إلا الجرسون» ! (لا عليك، لا تلقي له بالاً، إنه مجرد نادل) !

تذكرت أنه بعد أسبوعين سيباشر الصبي سنته الدراسية، وستضج الفصول بمشاكل التنمر بين الطلاب، فلماذا نلقن أبناءنا هذه الدروس العملية في النظر للآخرين بدونية ؟ أرجوكم لا تزيدوا الطين بلة أيها الآباء، وأيتها الأمهات !

Email