أوروبا الحارة جداً!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين يهتمون بالسفر ولديهم هوس التصييف في الخارج غالباً ما يكونون متابعين جيدين لحالة الطقس، فالمصطافون الخليجيون تحديداً، والذين يشكلون قوة سياحية، تتنافس على استقطابهم كبرى عواصم العالم، حين يغادرون بلدانهم فإنهم بلا شك لا يذهبون، كما في السابق، بحثاً عن أسواق ومشتريات ومراكز تجارية، فمدنهم أصبحت تمتلك أكبر وأشهر مراكز التسوق، كما أن مستويات الفنادق وعروض الإقامة ليست هي الهدف، فلديهم من عروض الفنادق ما يدير الرأس في بلدانهم!

يسافر السائح الخليجي صيفاً لأسباب متنوعة، لكن أولها وأهمها الهروب من طقسه اللاهب جداً، وغير المحتمل إلى ربوع أوروبا الخضراء الباردة والمطيرة معظم نهارات الصيف، وهذا ما لم يتوافر خلال شهور هذا الصيف 2022 تحديداً، في معظم مدن أوروبا، بعد أن تجاوزت درجات الحرارة حاجز الـ40 و45 في باريس وإيطاليا وباريس وفيينا ولندن، ما نتج عنه جفاف بعض الأنهار والأراضي بشكل غير مسبوق، ولم تنج من ذلك سوى دول معدودة.

وفي الحقيقة فقد تغير مزاج السائح الخليجي وخياراته: والذي غيره أو ساعده في تعديل وتغيير خياراته السياحية جملة عوامل: مواقع السفر، المسافرون العرب والمغامرون، الذين ينقبون في أنحاء الكرة الأرضية بحثاً عن مناطق مجهولة، سرعة تبادل ونشر المعلومات السياحية عبر السوشيال ميديا، ازدهار سوق الدعاية والإعلان السياحي، بواسطة مشاهير ومؤثري السناب شات، ما جعل أعداداً كبيرة منهم ينأون عن عواصم السياحة التقليدية (باريس وجنيف ولندن وميونيخ..)، مفضلين الأرياف ومناطق المغامرات والجبال، حيث تنعدم في معظمها أجهزة التكييف، ما جعل صيف هذا العام شديد الوطأة.

إن ظاهرة الاحتباس الحراري، واتساع ثقب الأوزون، وانخفاض معدلات الأمطار عن مستوياتها المعتادة، إضافة لارتفاع درجات الحرارة، حولت شهري يوليو وأغسطس في أوروبا إلى علامة استفهام وبحث عن خيارات للعام المقبل، كي لا يقعوا ضحايا ما هربوا منه، وهذا بدوره يجعل البشرية في مواجهة مسؤولياتها الأخلاقية والعلمية حيال البحث عن مخارج لإنقاذ البيئة والمناخ وإلا فإن الأوضاع ستزداد سوءاً.

Email