أسماؤنا (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

لفيروز أغنية عميقة جداً تدور ككوكب في فلك الأسماء، وللروائي البرتغالي خوسيه ساراماجو رواية بديعة عنوانها (كل الأسماء)، حيث بطل الرواية موظف في الأرشيف الوطني يتعامل مع كل الأسماء الأحياء منهم والأموات ومع ذلك لا يظهر في الرواية إلا اسمه الأول فقط السيد جوزيه.

أما أغنية فيروز فتمجد تعب الأهل بحثاً عن أجمل الأسماء لأبنائهم، لأنهم وهم يختارون يفكرون طويلاً في أبنائهم: هل سيحبون أسماءهم، ستليق بهم، ستشبههم، ستحمل بشارات حلوة لمستقبلهم، أم ماذا؟

تقول فيروز في تعريف الأسماء:

«الأسامي كلام.. شو خص الكلام.. عينينا هني أسامينا».

ففي الأسماء يمكن أن نقول كلاماً كثيراً، نشرحها، ونزينها، ونلونها، ونتفاءل بها، ونفخر وو. لكن في نهاية الكلام سنجد عيوننا تلخص كل ذلك الكلام، وتصبح هي اسمنا الحقيقي.

هناك كثيرون نعرفهم أو مروا بنا، أو سمعنا عنهم، لم يحبوا أسماءهم، لم تعجبهم أبداً، لأنها كانت تتسبب لهم في حرج كبير، لذلك غضبوا كثيراً من آبائهم لأنهم اختاروا لهم تلك الأسماء، مثل ذلك الذي عمل في إيران زمناً وزار فيها مدناً وقرى أحبها وافتتن بها، وعندما أنجبت زوجته أطلق على بناته أسماء تلك المدن شيراز وجناح! وما من شك عندي إن من سميت جناح لن تكون راضية عن اسمها مطلقاً!

الذين لا تعجبهم أسماؤهم عادة ما يغيرونها بحسب الإجراءات القانونية المتبعة، وإن كان الأمر يتسبب في التباسات كثيرة تتعلق بالوثائق والشهادات، إلا أن ذلك أهين الضررين، فملازمة اسم غير مستحب يتحول في حياة البعض إلى ما يشبه الندبة أو العقدة التي يسعى للخلاص منها بكل الطرق.

هناك من يغير اسمه ليس لأنه سيئ ولكن لأن مقتضيات الحال والمهنة تحتم ذلك، كالممثلين والفنانين والروائيين، نادية لطفي كان من الصعب أن تنتشر ويعرفها الجمهور باسم پاولا، فتم تغيير اسمها، وكذلك أم كلثوم ونجلاء فتحي وعمر الشريف، نجوم ارتبطت الجماهير بهم عبر أسماء غير حقيقية، لكنها تحولت لأسمائهم في النهاية.

Email