الحب والمسافر والمدينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرون يتذكرون الفيلم الرومانسي (الحب الضائع) الذي أنتج عام 1970، (بطولة سعاد حسني ورشدي أباظة)، والذي يدور حول الحب والصداقة والخيانة، وتتلخص فكرته في تفكيك حكاية ذلك الحب الذي لا يميز أصحابه بين الحدود، ولا يعرفون احترام المسافات، فيقعون في أصعب المواجهات وأضيق الزوايا، ويكتشفون أنه ما من حل؟ حيث لا يمكن إعادة الزمن للوراء، كما لا يمكن أن تعود العلاقات إلى سابق عهدها!

في (الحب الضائع) تبدو المواجهة اختيارية، ويبدو الحب محكوماً بالفشل وأبطاله بالسقوط، الذي اختاروه بأنفسهم، وعليه فإن الحل قد يأتي صادماً وغير متوقع: كموت صادم تحت عجلات قطار، كما كان من أمر أنا كارنينا في رائعة ليو تولستوي.

ذاك حب مرفوض وغير مشروع، ولذلك فهو محكوم بالضياع، أما قصة خالد الشاب الذي أحب ابنة عمه بصدق، وبذل الغالي والنفيس ليجلب مهرها الخرافي تلبية لمطلب عمه التعجيزي بغية إبعاده عن ابنته، والتفريق بينهما، لكنه وبسبب تمسكه بأولويات ضيقة ومعايير سخيفة تسبب في موت ابنته قهراً، فقد مرضت الفتاة، وتقرر علاجها في الخارج، وحين أسرع الشاب لرؤيتها كانت حبيبته قد سافرت دون أن يحظى بلقائها أو توديعها، ثم كانت قمة المأساة حين فارقت الحياة في الطائرة!وحين علم الشاب بكاها حتى فقد نور عينيه! هذا الحب الذي ضيعته الحماقة والجهل وفقدان الحكمة، حفظه الشاعر الجميل الأمير بدر بن عبد المحسن الذي تعاطف مع حكاية خالد، فصاغ من قصة حبه قصيدة بعنوان (المسافر) التي غناها الفنان راشد الماجد.

مادري باكر هالمدينة وش تكون..

النهار والورد الأصفر والغصون..

هذا وجهك يالمسافر لما كانت لي عيون..

وينها عيوني حبيبي..

سافرت مثلك حبيبي..

أما الذين استوقفهم ذكر المدينة في القصيدة، فإن لكل مدينة قصة حب مع مسافر يهيم بها، ثم يغادرها وهو يشعر أنه لن يعود إليها ثانية، لن تستقبل طرقاتها وقع أقدامه، ولن يلامس رذاذ مطرها سترته أو وجهه، فلا يدري غداً كيف تكون، ولا يدري هو أين يكون؟

 

Email