أطفال السوشال ميديا

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت ألوم نفسي لأنني كنت أرى في تلك اللقطات واحدة من فبركات مدمني ونجوم السوشال ميديا، أن يصوروا أطفالهم، ليقوموا بتأدية مشاهد ولقطات يقولون فيها كلاماً إما يثير الضحك أو الدهشة أو الإعجاب

بغية الحصول من وراء ذلك على المزيد من علامات الإعجاب والمتابعين ليركبوا موجة الترند وما تجره من إعلانات وأموال، ثم اتضح لي أنني لم أكن مخطئة أبداً.

فهناك آباء وأمهات استغلوا أطفالهم (لجمال فيهم أو لذكائهم)، ليطلقوهم نجوماً في عالم التواصل الاجتماعي، فخصصوا لهم من يدير حساباتهم، وأرقاماً للقيام بالإعلانات، وقائمة أسعار، وهنا أتذكر ذلك الإعلان الذي ألصقته إحداهن لمتابعيها، بأنها مستعدة أن تتناول فنجان قهوة وتتبادل أطراف الحديث مع من شاء مقابل مبلغ معين لوقت محدد بحسب قائمة أسعار معلنة!

بالنسبة لهؤلاء الذين يصدرون أنفسهم كنجوم وكنماذج وقدوات، فإن عرضهم لأنفسهم وتقديمهم خدمة مرافقة مقابل ثمن متفق عليه أمر لا يمكن العبور عليه ببساطة، إنه يعود أولاً وأخيراً للطريقة التي ننظر بها لذواتنا، والقيمة التي نمنحها لأنفسنا، هذه القيمة أيضاً لها علاقة بمعايير وسلم قيم وأخلاق مرجعيتها الأولى تعود لثقافة المجتمع، ولمعنى الصح والخطأ والعيب والمقبول والمرفوض فيه، ثم إن تسليع الإنسان لنفسه إلى هذه الدرجة أمر يبدو مقلقاً جداً!

أما الأطفال فتلك حكاية أخرى، لقد تحول هؤلاء الأطفال أيضاً إلى قدوات ومثل لمن هم في مثل سنهم، لأن شكل ومستوى الحياة التي يعيشونها وتعرض على الملأ، المنازل، الألعاب، السيارات، المقتنيات، السفرات،.. كلها أصبحت تثير الفضول والغيرة، وتغري بالتقليد للوصول لنفس المستوى. هذا الأمر جعل كثيراً من الأطفال اليوم إذا سألتهم عن أمنياتهم وماذا يودون أن يصبحوا في المستقبل تأتيك تلك الإجابات الصادمة: أريد أن أصبح مغنية، فلوونسر، موديل.. إلخ، فأين ذهبت الطبيبة والمهندسة؟

إن هذه المهن هي الأسرع للحصول على الأموال وتوفير تلك الصورة المثالية للمحيط الذي يعيش فيه أمثالهم من أطفال السوشال ميديا، فأية جريمة ترتكب في حق الأطفال؟

 

Email