لحظة امتنان لا تنسى

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حياة كل واحد منا لحظة، أو موقف معين، أو ذكرى لا تغيب عن بالك، شعرت فيها بحالة امتنان كبيرة لا يمكنك نسيانها، يمر الزمن ويمضي العمر بينما ذلك ماثل لك كأنه حدث البارحة، تذكره لمن حولك، وتتحدث عنه كأنك تقدم شكرك الدائم أو اعترافك بالفضل، ففي تلك اللحظة تم إنقاذ حياتك ربما، أو تأمين مستقبل أحد أبنائك، أو مد أحدهم يداً فأنقذك كما يُنقذ غريق من لجج الموج! فكم لحظة امتنان عشتها في حياتك، بخلاف ذلك الامتنان البدهي الذي تشعر به لكل من أسدى إليك معروفاً؟

لو سألت نفسك عن لحظة أو حالة امتنان فارقة شكلت لك مفترق حياة فكنت بعدها مختلفاً عما قبلها؟ لحظة كدت تشرف فيها على الموت فمنحت فرصة أخرى للحياة، ماذا يمكننا أن نتذكر يا ترى؟ قالت لي صديقة سألتها هذا السؤال: إن الإنسان كما يفعل يجازى. وطالما نحن نمد أيدينا لغيرنا فلا بد أن تأتي اللحظة لتمتد إلينا يد منقذة من حيث لا نتوقع، وفي اللحظة التي نكون فيها قاب قوسين أو أدنى من الموت يأساً!

وبرغم ذلك فإن المكافأة في الوقت الذي نكون فيه في أمس الحاجة لها، وحين نكون أبعد ما نكون عن توقعها، يكون لها وقع مختلف ولا ينسى، من هنا نسمي هذه اللحظة بلحظة الشعور بالامتنان: لله، لإنسان ما، للظرف، أو لحيوان ربما، فكم حيوان أنقذ صاحبه، عن نفسي أنقذتني نحلة صغيرة من الموت تسمماً وأنا في طريقي لتلقي علاج مضاد لتسمم الحشرات!

في طريق طويل استغرق مني ساعات من القيادة بين مدينتين أوروبيتين، ضللت الطريق ونفدت بطارية الهاتف، ووجدتني في وسط غابة مظلمة في مكان لا أعلم أين هو بالضبط؟ وحدها رحمة الله من أنقذتني، بعد أن انشقت الظلمة عن سيارة حمراء تقودها امرأة أجنبية وصديقتها لتقودني إلى وجهتي بأمان.. تلك لحظة لا يمكنني نسيانها ما حييت، كما لن أنسى تلك النحلة التي اخترقت حديقة المشفى وتسللت من النافذة لتحط على يدي!

Email