الاختلاف..

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفكر كثيراً في ثقافة الاختلاف في حياتنا، من حيث كوننا أشخاصاً قادرين على احتمال الاختلافات بيننا وبين من نتعامل معهم؟ هل نحن واعون لمعنى وحقيقة الاختلاف؟ هل نؤمن بحقنا وحق الآخر في الاحتفاظ باختلافاتنا نتيجة التربية، التي نتلقاها في بيوتنا أم نتيجة مكون أو استعداد معين نولد به؟ أم أننا نتدرب عليه ونعززه في شخصياتنا، خلال تدرجنا في مسيرة الفهم والوعي؟

الاختلاف الذي نناقشه هو ذلك الحق الطبيعي في أن يكون لكل شخص طريقته الخاصة في التفكير، نتيجة لدرجة تعليمه وتجاربه ونوعية التربية، التي تلقاها والثقافة التي يمتلكها و.. دون أن يكون للخطأ والصواب علاقة في ذلك، فأن تختلف عني في تقييمك لأمر ما، لا يعني أنك على خطأ وأنِّي على صواب، ففي الاختلاف مساحة جيدة للحوار، وعرض كافة الآراء، شريطة ألا يعتبر الاختلاف مدخلاً أو مبرراً للهجوم والتكفير والتخوين وإخراج الآخر من وطنيته ودينه وأخلاقه، ما لم يكن الأمر خلافاً على ما لا يصح الاختلاف عليه!

فكيف يمكن أن نتفق على جعل الاختلاف أمراً مقبولاً وطبيعياً دون اللجوء للتعديات والإهانات؟ صحيح أن السوشيال ميديا، أسهمت في إعلاء صوت الابتذال في التعامل مع الآراء المختلفة، لكن محاولات البعض لدفع الاختلاف نحو مساحات من الخروج على القيم والأديان وقيم المجتمعات كان له دور أيضاً، إلا أنه علينا الاعتراف بأن معاداة الرأي الآخر أمر قديم جداً قدم الوجود البشري على الأرض؟

كيف يمكن لأحد أن يتصور أننا يمكن أن نتفق في طريقة نظرتنا وتقييمنا للأمور السياسية والاقتصادية والثقافية.. إلخ؟ كيف نتفق في طريقة وأنماط العيش ونوعية الطعام والثياب و..؟ كيف كان بالإمكان أن نتحدث نفس اللغة وندين بذات الدين؟ هل كنا سنحتمل الحياة في ظل الفكرة الواحدة، واللون الواحد، والصوت الواحد؟ هل كان يمكن لحضارة أن تقوم وتزدهر؟

لقد خلق الله الناس مختلفين، وسيبقون كذلك.. «ولذلك خلقهم»، كما جاء في القرآن الكريم.

 

Email