أصحاب المناصب

ت + ت - الحجم الطبيعي

المناصب في حقيقتها طريق لمسؤوليات وإن بدت أكثر وجاهة إلا أنها عادة ما تكون كبيرة وثقيلة أيضاً، وصحيح أن الجميع يعمل ويجتهد قدر استطاعته ويضحي بوقته وصحته وراحته، إلا أن لكل درجة وظيفية مهامها ومسؤولياتها وكذلك مؤهلاتها وملكاتها، لا ينقص ذلك من قدر وأهمية أي موظف مهما كانت مكانته في السلم الوظيفي، هذا ما تعلمناه من دروس الإدارة عندما كنا ندرسها في الكلية منذ سنوات بعيدة مضت.

وبلا شك فإن أول من يجب عليه معرفة ذلك، معرفة اقتناع وإيمان، هو صاحب المنصب نفسه، فلا يتخذ منصبه وسيلة للتباهي والاستعراض والفوقية على الآخرين ممن يقعون تحت مسؤوليته، ولا يحاول أن يتخلص من عقد كامنة في داخله عبر سلطاته ونفوذه، فالسلطة فتنة والنفوذ مدخل لتجاوزات لا تحصى، لا نتحدث عن الفساد الآن، ولكن عن التجاوز على الآخرين من باب الاستقواء بالمنصب وخضوع الآخرين من باب الحاجة للوظيفة والراتب، فهذا سلوك الضعفاء وليس الأقوياء أبداً!

في تاريخنا، وفي سير العظماء من كبار القادة والمفكرين والعسكريين و.. قصص تحكى عن التواضع وخفض جناح الذل من الرحمة، أما في واقعنا فالشواهد تتوالى علينا كل يوم عن قادة وشيوخ عظام لم تزدهم المناصب والمسؤوليات الجسام إلا رغبة في خدمة الناس وخوفاً من المساءلة وتفانياً في العطاء تحت وطأة الشعور بعظم الأمانة.

أن يدخل مسؤول في مماحكات مع موظف تحت مسؤوليته، وأن يناصب آخر العداء لأنه جادله أو صحح له خطأ أو أثبت جدارة أكثر من مسؤوله، ذلك مما لا يليق ولا يتفق مع أبجديات بيئة عمل منتجة ومريحة، لذلك وجب إجراء اختبارات نفسية وتأهيلية لمن سيتولى مسؤوليات كبرى تقتضي التعامل الإنساني النزيه والموضوعي مع نوعيات وشرائح مختلفة من الناس، لأن هناك البعض ممن يمتلك الشهادات العليا وقضى سنوات طوالاً في المؤسسة لكنه لا يصلح لمنصب المسؤول الأول أو الرئيس أو المدير، فهناك من أثبتت التجارب أنه جيد بلا منصب أو أن المنصب يفسده بالفعل!

Email