بأي ذنب قتلت؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما كادت مصر تشيع جثمان الطالبة نيرة أشرف، رحمها الله، والتي ذهبت ضحية قاتل مجنون كان زميلاً لها في جامعة المنصورة، بعد أن رفضت الارتباط به، حتى ضج الأردن بجريمة مشابهة ذهبت ضحيتها إيمان أرشيد الطالبة في جامعة العلوم التطبيقية الأردنية، وبعيداً عن أن الجريمة مطابقة لما حصل في مصر، أو غير مطابقة، فهي جريمة بشعة ارتكبها رجل مجرم مع سبق الإصرار والترصد، يعتقد بأن له الحق في الاعتداء عليها وقتلها إذا لزم الأمر، إن هي رفضته!

يقال إن رسالة إلكترونية أرسلها الشاب لإيمان قبل يوم من قتلها، جاء فيها: «بكرة راح أجي أحكي معك وإذا ما قبلتي رح أقتلك مثل ما المصري قتل البنت اليوم»!! فما الذي يحدث؟ لقد تكرر هذا السؤال خلال الأيام الماضية على لسان الجميع، ورددته أقلام كثيرة في الصحف وصفحات السوشال ميديا، ما الذي يحدث لفتياتنا؟ ماذا دهى الشباب حتى غدا القتل أسهل عندهم من احتساء كوب ماء؟ ما الذي يحدث في الجامعات؟ إن هؤلاء شباب جامعيون؟ يفترض بهم أنهم على درجة من الفهم والوعي، بحيث لا يقبل منهم حل مشكلاتهم وخلافاتهم بالصراخ والضرب، فما بالنا وقد وصلوا لمنتهى الوحشية والإجرام: القتل!

إذا لم تقبلي بي سأقتلك! هل سيغدو هذا شعار الشباب في الجامعات، لأن طالباً مجرماً مختلاً فعل ذلك في المنصورة، يصبح مثلاً يقتدي به آخر في الأردن؟ هل هي موجة إرهاب جديدة ضد النساء؟ ضد فتيات الجامعة في بعض دولنا العربية؟ وها هي السوشال ميديا تنتشر وتنشر كل الغثاء بسرعة البرق، وما على ضعاف النفوس سوى التقليد، وللأسف إن هناك من سيخرج ليبرر ويجد للجاني سبباً لجريمته، في الوقت الذي يفترض أن ينظر لتبرير الجريمة باعتباره جريمة أشد وقعاً؛ لأن التبرير لا يفعل سوى منح رخص إضافية (لذكور) آخرين لارتكاب جرائم أخرى!

إنه التطرف القادم والإرهاب الجديد ضد النساء، إنه الوباء القادم طالما نحن في سنوات الأوبئة، وفقدان البصيرة والابتلاءات التي لا نهاية لها، وإلا فماذا نسمي ما يحدث؟ هل يتصور أحدنا أن يودع ابنته على بوابة الجامعة، ثم يتسلمها جثة هامدة في نهاية اليوم، لأن مجرماً ممتلئاً بداء تضخم الأنا الذكورية وجد في كلمة لا، إهانة لا يمحوها إلا الدم، فأرسل سكيناً في قلب الفتاة حتى لا تفكر أخرى في الرفض مجدداً!

Email