فخاخ التكنولوجيا!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تختصر الأمثال تجاربنا ومواقفنا بطريقة عميقة جداً، تحضر سريعاً في أذهاننا لتعبر أو تختصر أو تنتقد أو تسخر من واقع ما نمر به، ما يجعلها مرآة للواقع وخزاناً للحكمة الشعبية بكل بساطتها وعمقها وتلقائيتها.ففي كلمات بسيطة نختصر حكاية يطول شرحها، أو نعلن خلاصتها (يا غافل لك الله) هكذا يقول أهلنا للتعبير عن أن هناك مصائب أو فخاخاً قد يتعرض لها الإنسان لا ينجيه منها إلا الله، فقد يحدث أحياناً أن تغير اتجاه سيرك دون سبب، في الوقت الذي كان من الممكن أن تقتلك سيارة عابرة بسرعة جنونية، لو بقيت سائراً في الطريق نفسه، لكنك أيها الغافل قد نجوت بفضل الله وبفضل الدعاء الذي رد عنك القضاء!

هذه أمثال تتكرر في حياتنا اليومية جراء الإشكالات والحوادث وعمليات النصب والسرقة والهجوم والاحتيال الإلكتروني الذي يتعرض له الناس بشكل دائم عبر عصابات تنتشر في الفضاء الإلكتروني كالفيروسات تماماً، لا تبقي ولا تذر، تاركة خلفها آلاف الضحايا، وقد كان هؤلاء الضحايا يظنون أنفسهم في مأمن، وأنهم قد احتاطوا جيداً وأخذوا حذرهم بما يكفي، لكن (من مأمنه يؤتى الحَذِر) بحسب المثل المعروف!

نحن نتمتع بثمار التكنولوجيا بلا شك، بفوائدها وما وفرته وقدمته للإنسان والإنسانية، فها نحن نعمل ونقرأ، ونشاهد ونطلع على أعظم نتاجات البشرية فناً وأدباً وتاريخاً بضغطة زر، تلك نعمة كبرى نشكر الله عليها والعلماء والمختصين في هذا المضمار بطبيعة الحال، إلا إن فخاخ التكنولوجيا تتسلل إليك من حيث لا تدري!

هناك من يسطو على رصيدك المصرفي في غفلة منك، وآخر يشحذ مستغلاً اسمك بعد أن يسطو على حساباتك التواصلية، وآخر يدخل لك باعتباره قارئاً معجباً يمرر لك معلومات لا يمكنك التأكد منها، طالباً منك أن تتبناها وتكتب عنها، وحين تعتذر يهددك عبر حساب آخر ينهال عليك منه بالشتائم والسباب وساقط القول، وفي الوقت الذي تقوم بحظره المرة تلو الأخرى يتسلل هو من أرقام مختلفة، فلا تعرف كيف تسد هذه (الفتحة التقنية القذرة)؟ ومردداً (يا غافل لك الله)!

Email