مشكلتنا مع القراءة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أكثر الأسباب التي يسوق الكثير من القراء وعشاق الكتب في إعراضهم عن الذهاب لمعارض الكتب، أو شراء آخر الإصدارات، ضيق الوقت عن قراءة ما لديهم من كتب، فهم كما يقول عدد كبير منهم بالكاد يفتحون أوراق السيلوفان التي تغلف معظم الكتب التي اقتنوها من آخر معرض زاروه منذ عدة أشهر، فماذا سيحدث لو أنهم راكموا كتباً جديدة من المعرض الحالي؟

هكذا يتساءل كثير من أولئك المصابين بإدمان شراء الكتب، والمترددين الدائمين على المكتبات، ومعارض الكتب الدولية، والمعارض المحلية، ومعارض الكتب المستعملة، هناك ما يشبه الوقفة العقلانية عند البعض بتقنين شراء الكتب في أضيق الحدود حتى تصبح عملية الشراء منطقية وذات قيمة وفائدة، بينما تحولت عملية شراء الكتب لدى عدد لا يستهان به إلى حالة مرضية تعرف عالمياً باسم: الببلومانيا، أو هوس جمع الكتب!

في الحقيقة نخطئ جميعنا كأشخاص نعشق الكتب ونحب القراءة، في الاعتقاد بأن علينا أن نقرأ جميع الكتب التي تصدرها دور النشر، أو يتم ترويجها، أو تلك التي يحدثنا عنها أصدقاؤنا، أو التي نصادف إعلاناتها على صفحات «السوشال ميديا» باستمرار، وكلها تجد هوى من نفوسنا، ونود لو حصلنا عليها، نخطئ إذ نظن بأن علينا أن نشتري كل هذه الكتب فقط لأن لدينا المال الكافي لذلك، فالأمر أبعد بكثير من مجرد المال!

في أحد لقاءاته، قدّم الروائي والمفكر الإيطالي وأستاذ علم السيميائيات أمبرتو إيكو اعترافاً مفاجئاً بشأن مجال أو مدى قراءاته، حيث أعلن أنه لم يقرأ الكثير من مقتنياته من الكتب، قائلاً: (هناك في العالم كتب أكثر من الساعات التي يمكن تخصيصها للقراءة، لذلك فنحن بالتالي نشعر بتأثير عميق للكتب التي لم نقرأها، والتي لم يتوفر لنا الوقت لقراءتها!).

وأتساءل مثل إيكو: من منا قرأ حقاً رائعة بروست (البحث عن الزمن المفقود) في سبعة مجلدات؟ ومن منا قرأ الأجزاء الضخمة لروايات ديستويفسكي؟ ومن تسنى له الوقت ليقرأ موبي ديك كاملة، والجبل السحري؟ أعني أن نقرأها كاملة من الألف إلى الياء؟ منذ أيام قرأت اعترافاً للروائية التشيلية إيزابيل الليندي تقول: أعترف بأنني لم أتمكن من قراءة الأجزاء الأربعة كلها لرواية الأخوة كرامازوف لديستويفسكي، تقول: لقد أصابتني بالملل!

 

Email