والأذن تعشق قبل العين..

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلنا نتساوى في الانبهار والدهشة أمام الصوت الجميل، ليس شرطاً أن يكون صوت مطربة أو مطرب، فالبشر على اختلاف ثقافاتهم وطباعهم وأعمارهم يحبون الصوت الجميل أياً كان صاحبه، لمجرد أنه لامس قلوبهم وهو يعبر آذانهم ليستقر في أعماقهم، فنعشق الشخص صاحب الصوت، ونظل نحنُّ لسماعه مراراً وتكراراً، دون أن نعلم لهذه الحالة الإنسانية سبباً أو تفسيراً سوى أن الإنسان يعشق الجمال، وأن لهذا الجمال قوة نافذة إلى الدماغ والعاطفة معاً.

هناك من لا يعرف حرفاً في العربية، لكنه يعشق صوت أم كلثوم وفيروز مثلاً، ومثل الغناء، ننبهر بالموسيقى دون أن نعرف حقيقتها ورموزها، قد يكون ذلك كله عشقاً للجمال، وقد يكون ذلك مصداقاً لبيت الشعر الشهير:

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة

والأذن تعشق قبل العين أحياناً

الأذن تعشق قبل العين في أحيان كثيرة، وقد وقع كثير منا في حب أصوات سمعناها خلف ميكروفونات الإذاعة وسماعات الهواتف وغيرها، وقد وقع نتيجة ذلك أشخاص كثيرون في هوى أصحاب أصوات لا يعرفون ملامح أصحابها، فما هذه السطوة التي يملكها الصوت حتى يكون له هذا التأثير العجيب؟

مستشارو الصوت يؤكدون وجود علاقة حساسة بين الصوت والعاطفة، أو مدى ما يستطيع الصوت أن يعبر به عن الشخصية، ومقدار التأثير الذي يتركه صوتنا في علاقتنا بالمحيط الذي نتحرك فيه والبشر الذين نلتقي بهم.

هناك من يعرف هذه الحقائق التي ترتكز على علم الأصوات والسلوكيات الإنسانية، فيحاول استغلالها لمصلحته في التأثير على الآخرين، وفي مواقفهم تجاهه، أو تجاه قضايا تهمه، وعادة ما يأتي الصوت على قائمة السمات المهمة التي يركز عليها صانعو النجوم والمشاهير، فالصوت ليس مجرد كلمات، إنه إحدى الأدوات الفعالة في الترويج للبرامج الانتخابية والشعارات التي يطلقها العديد من نجوم السياسة بأصوات ذات تأثير قوي جداً في الناس.

العجيب أن هناك من تسمع أصواتهم عبر الهاتف فقط فتحبهم بعد أن ترسم لهم صورة جميلة من خلال ذلك الصوت، ونادراً ما تأتي الصورة مطابقة الواقع، وهناك من تحكم عليهم بالقبح والعدائية وشراسة الطبع بسبب أصواتهم، وحين تقابلهم أو تسأل عنهم تعرف أنك ذهبت بعيداً في حكمك.

 

Email