حكايات رجال هاربين - ‏2

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك دائماً رجل يعيش منفرداً كذئب، يطارد الحياة على طريقة شاب أعزب يتأرجح في سنواته العشرين كبندول نيوتن، ولأنه لم يتزوج بعد فهو يعتقد أنه الأكثر حظاً بين جميع أصدقائه! هذا الرجل غالباً ما يكون كالأرض المحايدة، التي يلجأ إليها جميع الأصحاب الهاربين من منازلهم، حيث يتبادل الأصحاب الحكايات والاعترافات.

صاحب المنزل الذي التجأ إليه الرجال كانت له حكايته، فقد كانت تطارده المخاوف والأوهام بقدر ما كان هو يطارد الحياة والحرية، لكنه كان يعاني خوفاً من نوع ما من أي امرأة قوية ومستقلة، كان يحمل في نفسه إرثاً هائلاً ضد المرأة المطلقة، والمرأة القوية تحديداً!

هو تربى واعتاد أن يكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، لذلك كان يعذبه شعوره بالتضاؤل، وعدم الأهمية في حضرة أي امرأة قوية، ناجحة، وتستجلب الانتباه حيثما تحركت، لقد تقدم به العمر كثيراً وبقي أعزب، وبقي يوجه سهام نقده للنساء المستقلات، تالياً اعترف بأنه يخاف كثيراً من فقدان حريته كرجل اعتاد الحياة كذئب، منفرداً ومعتزاً بفردانيته وجموحه!

الصديق الرابع، انضم إلى المجموعة متأخراً، حينما قرر في لحظة حاسمة أن يتقدم باستقالته من شركة والد زوجته، وأن ينسحب من حياتها، لأنها ووالدتها وشقيقها لم يتخلوا يوماً عن تذكيره بأنه تزوج ابنتهم طمعاً فيها- وذلك ليس صحيحاً، فهو يحبها بالفعل- وبأنه يعيش حياة مرفهة لم يكن يحلم بها، بسبب هذا الزواج، وأنه لولاهم ما كان ليتمتع بمزايا الحياة والوظيفة المرموقة، التي يتقاضى منها مرتباً خيالياً، وذلك صحيح بالفعل! قال لهم: ذلك كان خطأي بالفعل، فحين قبلت أن أصبح مجرد زوج المدام، حكمت على نفسي بالتعاسة والذل إلى الأبد!

الحياة مليئة بهذه النماذج وغيرها كثير، أما الشقاء في الحياة فمرده إلى خيارات خاطئة، وحسابات غير دقيقة، تدفع الأسرة والفرد ثمنهما غالياً، فيما يخص هؤلاء الرجال الأربعة، فقد انفصل ثلاثة منهم عن زوجاتهم، ووحده الرجل الذي قرر أن يكون رجلاً لا تابعاً، تبعته زوجته رغم اعتراض جميع أفراد عائلتها.

 

Email