الوحدة، شعور قد يكون طارئاً حين يحس الإنسان أنه وحيد لسبب أو لظرف طارئ يجعله وحيداً وبعيداً عن أهله ومجتمعه لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر بحسب الظرف الذي يخضع له، وما إن ينتهي السبب، حتى يعود الإنسان من وحدته إلى حياته العادية وسط أهله وأحبته.
وقد يشعر الإنسان بالوحدة وسط الناس، وهنا يقال بأن هذا الإنسان يحمل كونه في داخله، وأن عزلته تنبع من داخله لا من الخارج، هذا النوع من الأشخاص يعانون آلام الوحدة ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً لإنقاذ أنفسهم، وهذا هو الاغتراب الحقيقي الذي يمكن تفسيره بعدم القدرة على التأقلم، أو عدم السعي لإيجاد أرضيات مشتركة مع المحيط، فلا تعنيه اهتمامات من حوله، ولا حواراتهم ولا همومهم والأمور التي تسعدهم أو تحزنهم، باختصار فإن هذا النوع من الناس غالباً ما يرون أنفسهم في مكان مختلف عن الآخرين، وذلك نتيجة تراكمات وفشل وإحباطات كثيرة مروا بها في حياتهم، إضافة لفقدهم أصدقاء أو أحبة كانوا يملؤون حياتهم، ما يجعلهم يفضلون العزلة طلباً للأمان النفسي، لكن ما يحصل لهم هو العكس تماماً!
إن العزلة وهجر الناس والبعد عن العلاقات الاجتماعية وتفضيل البعد والصمت والتوحد مع الذات يمكن أن تكون بداية أو علامة لحالات وأمراض نفسية خطيرة، لا يتوجب إهمالها بل العكس، فهؤلاء يحتاجون ممن حولهم للاهتمام والتدخل السريع وبحذر لإنقاذهم من الانزلاق في مناطق أكثر ظلمة وخطورة وقبل أن يفوت الوقت، خاصة إذا كانوا من كبار السن، أو المراهقين، أو السيدات الوحيدات أو اللواتي يعانين من حساسية اجتماعية عالية.
أذكر أن تحدثت عن بطلة رواية «هكذا كانت الوحدة» المرأة التي فقدت والدتها واعتقدت بخيانة زوجها، إضافة لعلاقتها المتوترة بابنتها، ما جعلها تقف وجهاً لوجه أمام وحدتها المطلقة، فقررت استخدام مخبر سري ليكشف لها خيانة زوجها، فيأخذ في إرسال التقارير التي سريعاً ما ملت منها، مكتشفة أن مأزقها أكبر من اكتشاف خيانة زوجها، ومن ثم كلفته بأن يراقبها هي في نهاية الأمر.