لا نصائح مجانية!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الإعلام، كما في أي مجال آخر، نادراً ما ستجد شخصاً يسدي لكاتب أو لشاب حديث العهد بالمهنة، نصحاً أو إرشاداً من واقع خبرته، ودون مقابل، من تلقاء نفسه، دون أن يكلفه أحد بذلك.

حرصاً منه على مسيرة هذا الشاب أو الكاتب، لما يتمتع به من موهبة تبشر بمستقبل مرموق، فأغلب أهل الإعلام أو المهن الأخرى (وليس كلهم)، مهتمون ببناء شهرتهم ونجاحاتهم، وليس تفقد المهنة أو منتسبوها الجدد، فللبيت رب يحميه دائماً!

هذا لا يعني أن أهل الصحافة أو الإعلام أو القانون أو.. لا يحبون مهنتهم، على العكس، إنهم يحبونها، فهي التي تضمن تفردهم وبقاءهم في دائرة الضوء، لكنهم بلا شك يحبون أنفسهم أكثر، خاصة مع تزايد الأصوات الداعية لأن يحب المرء نفسه أولاً، ليتمكن من إعطاء الآخرين المحبة، حيث إن فاقد الشيء لا يعطيه، أصبحت مقولة سائدة حيثما توجهت!

في كل مكان يحظى فيه الإعلام بقوة التأثير، ويحصل الصحافيون والكتاب على الحظوة والمكانة والأجور المرتفعة، والحضور البارز، والاهتمام المرجو من قبل الإعلام وأهل السياسة والفن، في هكذا واقع، علينا أن نتوقع أن للعلاقات داخل هذه الأوساط حسابات وتقييمات مختلفة، وأن تقديم النصائح المجانية، هي آخر ما يحظى باهتمام أهل أي مهنة، أياً كانت حرفيتهم وشهرتهم، خاصة مع تزايد التوجهات التي تغلب المصلحة الشخصية!

إن متابعة متأنية للعديد من المسلسلات والأفلام التي أنتجتها السينما العالمية، وشركات الإنتاج التلفزيوني العربي، تقدم لنا قصصاً وحكايات وأمثلة، تبدو لنا مخيفة أحياناً، لشدة شراستها حول طبيعة التنافسات التي تدور رحاها في دهاليز المؤسسات السياسة والإعلامية والقانونية و..

إن لهذه المهن طبيعة تنافسية كبيرة وحساسة جداً، مهن مدججة بأداءات سريعة، وبالأنانية والصراعات، والسعي لاختطاف أية فرصة للظهور، سعياً للمكانة، فالكل يود أن يصبح نجماً وأن يتوسط دائرة الضوء، وعليه، يصبح من أولويات المؤسسة أن تتولى رعاية المواهب، وتقديم الإرشادات، ومراقبة الأداءات، حرصاً على تطوير الأشخاص، والمؤسسة بشكل متكامل، ووفق برامج ومنهج عملي ثابت.

Email