المواطن الرقمي!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرافقك هاتف ذكي طوال يومك، تضغط على أرقامه طوال الوقت لتنجز كل شيء: العمل، القراءة، التسوق، طلب الطعام وحجز متطلبات عطلتك من تذاكر وفنادق وبطاقات العروض وزيارات المتاحف، معرفة المسافات بين المدن التي ستسافر إليها، ومواقع محطات القطارات وأسعار التذاكر عليها، والمطار الأنسب لاستلام سيارتك المستأجرة، تفتح موقع أمازون تبتاع عطرك المفضل وهدية ميلاد صديقك المقرب، وتدفع ثمن مشترياتك ببطاقة رقمية، وبعد يومين يصلك جميع ما اشتريته.

على تطبيقات هيئات الصحة، تدخل رقمك، فتعرف كل سجلك الصحي، نتائج تحاليلك، وإن شئت تحجز موعداً لمقابلة طبيبك، وبعد يومين ربما تقابله أونلاين، وخلال عشر دقائق يكون قد أرسل وصفة أدويتك إلى الصيدلية ومتطلبات التحاليل إلى المختبر، وما عليك سوى اختيار أقرب مركز صحي لاستكمال الإجراءات المطلوبة.

أصدقاؤك، ألبومات صورك طيلة سنوات، مناسباتك، علاقاتك، خصوصياتك، آراؤك، نقاشاتك، كلها هناك في أزقة المدن الرقمية التي تسكنها منذ عدة سنوات، لهذه المدن قوانين وسلطات وضوابط، أما أنت فمواطن ضمن ملايين من الأفراد المنضمين لهذه المدن أو مواقع التواصل، وأنت هناك لست مقموعاً ولا ممنوعاً من الكتابة أو التصريح بما تريد لكن في حدود، فليس هناك حرية مطلقة في أي مكان، وجرب أن تخترق خصوصية وسياسات الموقع، ستجد نفسك معاقباً بأحد أشكال العقاب المعروفة، إنك مراقب بدقة، وتعلم أنك كذلك، وليس لديك أي اعتراض، فأنت لا تريد أن تفقد مكانك في هذه المدن.

في الواقع أنت إنسان تتحرك ببطاقات بلاستيكية تنجز لك كل معاملاتك المالية والحياتية في أدق تفاصيلها، وفي مواقع التواصل أو المدن الرقمية العملاقة أنت مجرد مواطن رقمي، وهناك دوماً (الأخ الأكبر) الذي يراقبك ويتحكم في أفكارك وذوقك وذائقتك، كما يتنبأ برغباتك وتفضيلاتك، بمعنى أن الذي يملك مواقع التواصل يتحكم في قوة اقتصادية ضاربة! لذلك فليس غريباً أن يدفع إيلون ماسك 44 مليار دولار لشراء «تويتر»!

Email