هل لا زالت مواقع تواصل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في تعاملنا اليومي ومتابعتنا المستمرة لها تطرح علينا مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الأسئلة، وهي أسئلة طبيعية أحياناً طالما تعلقت بسلوكياتنا اليومية، وتأثير السوشيال ميديا عليها، وعلى علاقاتنا وأفكارنا.. إلخ، لكنها تبدو لي مربكة، بل خطيرة أحياناً حينما تخرج عن دائرة المنطق والمقبول والمفهوم إلى حالة من الحوارات غير المنطقية، بل والشرسة أحياناً أخرى !

فلا نفهم لماذا لا يلقي الناس أي أهمية لظواهر مهمة جداً، بينما يتحمسون لنوعية معينة من الموضوعات إلى درجة أن النقاش حولها قد يمتد لأيام، وتتحول معارضة فكرة بعينها إلى رغبة شديدة في القضاء المعنوي على صاحبها، وتصبح المسألة أشبه بمباراة كسر عظم، خلاصتها أن المتحاورين يريدون إفهام الشخص صاحب تلك الفكرة، التي أطلقها، والتي من المحتمل أن تكون خاطئة أو صحيحة أن عليه أن يرتدع عن إطلاق أي فكرة مجدداً، وإلا فإن جيوشاً سوف تخرج له، لتتصدى لأي فكرة مستقبلية قد لا تروقهم !

وبعيداً عن مواقف آلاف الأشخاص في السوشيال ميديا الرابضين خلف متاريس من الأسماء الوهمية وداخل خنادق غير مرئية في «تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما، فإن أي فكرة يطرحها شخص في الفضاء الافتراضي تخص حياة وتعاملات ومصالح الناس هي في النهاية فكرة قابلة للنقاش والتفنيد والقبول والرفض، إنها ليست تشريعاً أو قانوناً أو مرسوماً، إنها لا تعدو كونها رغبة في الحوار والتقارب واستطلاع الآراء، بمعنى أنها آلية لتحريك السكون في المسافات الفاصلة بين أفراد المجتمع، حيث أصبح الناس لا يتحدثون ولا يتواصلون إلا عبر السوشيال ميديا.

فلماذا تلك الشراسة في الرد على الفكرة، التي لا تروق لنا، لماذا تلك الرغبة في الجلد والسحل وإطلاق الكلمات كما الرصاص على صاحبها ؟ لماذا لا نجيد الحوار بعقلانية، وامتلاك حق الرفض بمنتهى الحرية أو القبول بحرية أيضاً، لماذا تحويل الحوار إلى معركة وجود يستحضر فيها الطرفان سؤال شكسبير القديم: نكون أو لا نكون ؟! لهذا السبب أصبح الكثيرون مترددين في التعبير عن أفكارهم الحقيقية !

Email