زمن الأشباه!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترى صورة مذيعة تلفزيونية فتظنها المغنية الفلانية، إلى أن تقرأ اسمها في التعليقات، تتأملها مجدداً فلا تكاد تصدق أنها ليست تلك المغنية التي ببالك!

وبينما تقلب صفحات الفيسبوك تظهر لك امرأة في كامل بهرجها وزينتها، فتقول واثقاً هذه هي الممثلة الفلانية صاحبة ذلك المسلسل الشهير، فإذا بك تصدم حين يظهر لك اسمها بوضوح: إنها فلانة، واحدة من مؤثري السناب شات، الذين لا تتابعهم لحسن حظك.

ثم صفحة تلو صفحة، وحساب تلو حساب، إذا بك أمام أنثى فتية، بقصة شعر قصيرة، وشفاه مكتنزة وحواجب كثيفة وطفولية، تستعرض ثياباً من أشهر الماركات، ولولا الاسم الواضح كالشمس في رابعة النهار لكان من المستحيل أن تصدق أنها رجل وليست أنثى!

وأنظر إلى صور كثيرات من الممثلات والمذيعات، نجمات مواقع التواصل، وبعض ممن أعرفهن فلا أكاد أميز الواحدة من الأخرى. هناك إصرار شديد على الذوبان والتلاشي، للوصول للشكل الجميل، بل الفائق الجمال. لماذا؟ لا أدري (هيمنة فكرة الشخص السوبرمان)!

في زمن مضى، عندما كان الناس طبيعيين، كان لكل أنثى بصمتها، ملامحها، علاماتها الفارقة. وكانت الوجوه طبيعية في تعبيراتها وردات فعلها، وحتى تلك العيوب البسيطة كنا نعتادها ونقبلها، فلا أحد بلا عيوب، لقد كانت تلك العيوب الصغيرة دليلاً أول على بشريتنا وإنسانيتنا وتميزنا في الوقت نفسه، دون أن يمنع أحد من السعي للتجمل والجمال بطبيعة الحال!

اليوم الكل يجب أن يكون جميلاً بالطريقة نفسها، الكل يريد أن يشبه النجمة الفلانية والنجم الفلاني، بغمازات مغرية وأسنان باهرة، وأجساد منحوتة،

والنتيجة.. بشر متشابهون، مقولبون بشكل يدعو للأسى، فهل من المفارقة أن يطلق على طبيب عمليات التجميل اسم: طبيب العمليات البلاستيكية!

إنه زمن الأشباه، زمن النسخ، والكائنات البلاستيكية. ليست كورونا التي تخيف، بل هذا الاستنساخ الإرادي، الذي صار مخيفاً ومحزناً في ذات الوقت!

Email