حديث الخرافة والمؤامرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتساءل: لماذا يحب الكثيرون حديث الجهل والخرافة؟ لماذا يركضون خلف مروجي الإشاعات الخالية تماماً من أي أثر للمنطق والعقل؟ لماذا كلما صادفنا حادثاً يحدث مثله في جهات الدنيا الأربع، ويأخذ مساره وإجراءاته ووقته، وينتهي عند الآخرين بسلام، يأخذ عندنا نحن اتجاهاً آخر، ويتحول بفعل الجهل لا غير إلى حادث مؤامرة، وعلامة من علامات الساعة ووو.. إلخ؟

سأقول لكم لماذا كل هذه الأسئلة؟ فبعد أن تابعنا كما تابع العالم حكاية الطفل المغربي ريّان منذ سقوطه في الحفرة، وحتى آخر لحظة عندما انتشل ووضع في عربة الإسعاف التي نقلته للمستشفى، ومن ثم أعلنت من هناك وفاته التي صدمت البعض، بينما كانت متوقعة جداً لطيف عريض من الناس، نظراً لملابسات الواقعة. ما الذي على الجماهير أن تفعل في اليوم التالي لنهاية الأزمة؟

أنا وغيري نتوقع أن يجد الأبوان من يربت على قلبيهما، وتبحث الحكومة في تدابير القضاء على كل المخاطر، التي قد تعرض حياة أي طفل للخطر، ويدير البعض حوارات حول: إدارة الأزمات، ثم يمضى كل لحياته، فما باليد حيلة!

ما حدث أنني صحوت في اليوم التالي لوفاة الطفل، والذي يليه، لأجد حروباً كلامية على مواقع التواصل حول ديانة ريّان؟ وهل يجوز الدعاء له شرعاً؟ لماذا لم تصدر ردات فعل عن والديه؟ وفيما إذا تم تسييس الأزمة لأهداف خفية هكذا، هذه المعارك الكلامية تؤكد بشكل قاطع أن الجهل لا غيره ما زال مسيطراً!

أما على الفيسبوك تدوينات وصفحات تفسر الظاهرة الماورائية: سقوط ريّان في الحفرة! لماذا وكيف؟ وهل كانت بفعل فاعل؟ ومن الفاعل؟ لماذا زُج في الحفرة؟ ما السر المدفون هناك في الداخل وتمت التضحية بريان لجلبه؟ ما دور إسرائيل؟ وما علاقة المسيح الدجال والحكومة والأطباء في المؤامرة، سيل من الجهل السائل المقزز، الذي يدفعنا للتحسر على إمكانات السوشيال ميديا، والحرية والعلم كيف يتم توظيفه في عالمنا العربي الخاضع والمستلب لحديث الخرافة والمؤامرة.

Email