الحياة تحتمل الجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك كتابة تمر مرور الكرام، وهناك كتابة إبداعية تحفر في الروح، وتستقر في ذاكرة الفرد طويلاً، وفي الذاكرة الجمعية لتاريخ وتراث الأدب والإبداع، وهنا أدعوكم لتذكر إبداعات الكلاسيكيين الروس والفرنسيين والألمان والعرب، التي بقيت منذ قرون وليس فقط منذ سنوات!

وهناك كُتّاب لا نتذكر أسماءهم، وكُتّاب لا يذكرون بغير كلمات الإعجاب العالية، وهناك كتب بلا حصر ولا عدد في كل مكان وحيثما توجهت، وكتب قليلة يتحدث عنها العالم بتقييم ودهشة، ويضعها برصانة في أبرز واجهات بيع الكتب في أرقى المكتبات وأكثرها احتفاء بالكتب والكتاب والثقافة والأدب بشكل عام.

مع ذلك فهناك نتاجات أدبية تلقى احتفاء واستقبالاً حافلين على الرغم من تدني قيمتها الأدبية أو ضعف مضامينها، لكن ذلك يبقى نسبياً في نهاية الأمر، فما يناسب قارئاً قد لا يناسب آخر، وما يتحول في بلد إلى أكثر الكتب مبيعاً وأكثر الأفلام مشاهدة قد لا يكون كذلك في بلد آخر.

في ما يتعلق بالكتاب هناك عوامل وأسباب تلعب دورها في حدوث هذه التباينات الواضحة في ذائقة التفضيل أو عدم التفضيل: أولها وجهة النظر أو زاوية الرؤية، التي يطل منها القارئ على كل الأشياء والتفاصيل المحيطة به، إن هذه الزاوية هي التي تحكم طريقة اختياره حتماً، إضافة لمنظومة القيم، التي تجعل كتاباً قد نعتبره خادشاً أو تافهاً أو خارجاً أو غيرها من أحكام القيمة، كتاباً متداولاً بين الناس في مجتمع ما، ومرفوضاً في مجتمع آخر.

إن مستوى الحريات، وحصيلة القراءة وتراكم المعرفة، وذهنية المجتمع الناقدة، والذائقة العامة المبنية على سلم مختلف من القيم والأخلاقيات والأولويات تلعب دورها في كل ذلك بلا شك، وكذلك تطور ثقافة القراءة ومعايير الانتقاء والتقييم والعلاقة بالكتاب واعتباره جزءاً من الوقت والحياة والبيت والعائلة، لذلك علينا ألا نحكم على خيارات الآخرين من خلال ما نعتقد، أو ما نؤمن به نحن فقط، فالحياة شاسعة، ومليئة بالاختلافات أكثر مما هي مليئة بالتوافقات، ونحن لا نعيش وحدنا في الحياة!

Email