النقد الأدبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أول أيام مهرجان طيران الإمارات للآداب، والذي أفتتح صباح الخميس في دبي، مكرساً وجوده كإحدى الفعاليات الثقافية المهمة، ومضيفاً للمشهد الثقافي الإماراتي بعداً ينطلق من المحلي إلى العالمي، عبر تناول ما يموج به الفضاء الثقافي الإماراتي والعربي والعالمي، وأن الأسماء التي يتم استضافتها تقول صراحة إن هذا المهرجان وجد ليبقى وليتطور، وإن كان يحتاج لمراجعة بعض آلياته وجرعة الوجود الإماراتي فيه.

شاركت في إحدى الجلسات الصباحية في اليوم الأول حول النقد: ضرورته وجدواه وأسباب انحساره وآليات تفعيله وكيفية خلق مناخ رحب ومرن يتقبل فيه الأطراف المختلفة آراء بعضهم بعضاً عند تناول النص الأدبي أو المنجز الثقافي المطلوب أو المراد نقده، باعتبار وظيفة النقد ذات صلة مباشرة بالنص أولاً، من حيث قراءته بعين أخرى أرى فيه ما لا يراه الكاتب والقارئ معاً، تلك هي عين أو أدوات الناقد التي تتولى تفسير وتفكيك وقراءة النص مجدداً ومن ثم كأنه مهمة الناقد هي إعادة بناء النص من جديد!

ما يجعلنا أمام أكثر أسئلة الساحة الثقافية الإماراتية والعربية إلحاحاً: لماذا انحسر دور الناقد العربي؟ ولماذا هو آخذ في الانحسار والتلاشي من حيث مهمته العميقة الأساسية، وليس باعتباره إحدى أدوات السوق التي تهتم أولاً وأخيراً بترويج المنتج وبيعه، يتساوى في ذلك الكتاب والفيلم والسيارة وأحمر الشفاه وزجاجة المشروبات الغازية!

ليس من مهمة الناقد أن يروّج الكتاب، ولا أن يمدحه ولا أن يذمه كذلك، لكن من مهامه أن يظهر محاسنه ومكامن الجمال فيه، وأن يضع إصبعه على مناطق الضعف والخلل، كي تتم معالجتها والخلاص منها وصولاً لنص قوي جدير بالقراءة وقادر على المنافسة والبقاء، والوصول إلى آفاق أوسع من مجرد البلدة التي نشر فيها وبعض القراء القلائل الذين تداولوه، تلك مهمة الناقد، أن يرفع النص عالياً وأن يسهم في صقل أدبيته ومستواه، وأما جماهيريته وأرقام توزيعه، فتلك من مهام شركات الإعلانات فقط والموزعين!

Email