لغتنا.. صوتنا وهويتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبت بشيء من الخيبة عندما قيل لي إن امرأة غربية (مثقفة أو كاتبة ربما) كانت تحضر جلسة لنساء إماراتيات يتحدثن باللغة الإنجليزية في أحد المؤتمرات، قالت بعد الجلسة: أخيراً استمعت إلى امرأة إماراتية تناقش أو تتحدث! قلت بيني وبين نفسي، لماذا علينا أن نهتم بها، هذه السيدة لا شك كانت تعيش داخل كهف (كهفها الخاص)، واليوم خرجت منه، هذا كلام لم يعد له محل في جملة الحياة في الإمارات، لقد تجاوزت المرأة مرحلة اللاوجود أو الصمت الثقافي والاجتماعي، وانتجت خطابها وحضورها، وما عادت خافية على أحد.

إن كانت تريد أن تغمز في قناة اللغة، وأن صوت المرأة ووجودها لن تبزغ شمسه إلا عبر اللغة الأجنبية، فأظن أننا غير معنيين بما تريد، فما تريده ليس أكثر من استعارة فم وخطاب وقلب ليس لنا لنتحدث به، وتحديداً لغة الغرب الذي لطالما طمس وجودنا طويلاً لدواعي مصالحه واستراتيجياته، وها هو عبر مسارات أخرى متخفية بأشكال أكثر مقبولية، يعود ليسلبنا وجودنا مجدداً عبر مقايضة علينا أن لا ننبهر بأرباحها، تحدثوا بلغتي كي أعرفكم أو أسمعكم جيداً!

اللغة هي أول مرتكزات الهوية، والهوية إثبات وجود، وإذا أردنا أن نعرف أنفسنا ونقدم شخوصنا للآخر، فعلينا أن نكون محددين وواضحين جداً ومباشرين، علينا أن نتقدم بأسمائنا وبلغتنا وهويتنا، مثلما يفعلون هم، وإلا فلن يتم الاعتراف عبر جسر الاحترام، لأن الناس تحترم أندادها ومن يتعامل معها على قدم المساواة، لا من يخفض رأسه ضعفاً أو تردداً أو خجلاً.

كيف لم تسمع عن امرأة إماراتية تتحدث؟! أو تتحدث باللغة الإنجليزية؟! إننا نتحدث عبر منصات دولية وعالمية، عبر الأمم المتحدة، ولجانها الكبرى: حقوق الإنسان واليونسكو ومفوضية اللاجئين، عبر السينما والفن والمعارض، عبر الإعلام والبرلمان، وعبر المناصب السياسية والقيادية والعسكرية، وعبر آلاف التخصصات والوظائف.. نحن نُسمع العالم صوتنا بلغتنا يومياً، ومن لم يرد أن يسمع فذلك خياره هو، وليس ذنبنا!

Email