ليس مجرد فيلم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال البعض يتجادل ويتصارع بسبب الفيلم إياه (أصحاب، ولا أعز)، لقد خرج الأمر من دائرة أن الفيلم لا يحض على تبني القيم المنحرفة، ولا يحرض على النظر للمثلية باعتبارها سلوكاً مقبولاً (مع أنه يحض ويحرض على ذلك بشكل واضح ولا جدال فيه، ومع ذلك فلا بأس من الجدال)، لكن المتجادلين وصلوا في معركتهم على وسائل التواصل لضفة أبعد، تركوا الفيلم وبدأوا يهاجمون أفكار بعضهم بعضاً، وقد كان هذا أمراً متوقعاً نظراً لطبيعة العقلية العربية وتعاطيها مع مسألة الاختلاف!

هذه العقلية التي قلنا مراراً وتكراراً إنها لم تتعلم كيف تناقش الآراء والأفكار بمعزل عن ذاتها، وبعيداً عن الشخصنة، والارتباط العاطفي بالرأي، فتتناوله باعتباره مجرد رأي قابل للتداول والدحض والاختلاف معه وحوله في الفضاء العام بين عموم المتناقشين، لا باعتباره ملكية أو إنتاجاً خاصاً يخص الشخص أو عائلته مثلاً، فيدافع عنه كمن يدافع عن وجوده وحياته على طريقة (أكون أو لا أكون).

الإشكالية الكبيرة هنا أن أصحاب الفكر الحر أو الذين يطرحون أنفسهم على أنهم مستنيرون وليبراليون وديمقراطيون و و و، هم أول من يكشف عن شخصيات مصابة بداء الحساسية المفرط تجاه الرأي المخالف، وأول من يبادر بتسجيل رأي يخالفهم يبدأون في التجمع حوله كذئاب حول فريسة، تجذبهم رائحة الخلاف، لا للنقاش والتفنيد والحوار المرن ولكن لاغتيال أصحاب الرأي المخالف بكل أريحية!

إنه مجرد فيلم، نعم صحيح، لكن أكبر النار تتسبب بها شرارات صغيرة لا تكاد ترى، هذا الفيلم البسيط والعادي في شكله ربما وإن كانت مضامينه ليست بسيطة، وضع مثقفين كثراً على محك الاختبار، وكثيرون سقطوا في هذا الاختبار للأسف، مع ذلك فالمحكات المقبلة أكبر وأخطر بكثير!

Email