اختبر نفسك أولاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن تقدير الذات وحب النفس قوة كبيرة وطاقة لا متناهية تمنح الإنسان قدرات خارقة على اجتراح أفعال تشبه المستحيلات أحياناً، ويكفي أن نسير في الحياة، ونتحرك بين الناس يملأنا شعور حقيقي بأننا أناس مرغوبون ومحبوبون، ولدينا شخصيات حلوة يحبها أصدقاؤنا وزملاؤنا وأنهم يتقربون إلينا للاستمتاع بصحبتنا لا لشيء آخر.

لذلك فانظر إلى إجابتك دعوة صديقك للعشاء أو لفنجان قهوة باعتبارها تعبيراً عن تقديرك لا لأنه لم يجد غيرك يدعوه أو لأنه يشعر بالسأم ويريدك أن تسليه، إن ذلك ليس تجنياً على صديقك، لكنه تجن على ذاتك وقيمتك، وظلم كبير يسقطك في فخ احتقار الذات حقيقة.

إن المقابل لا يعني حب النفس أو الذات لدرجة التورم والانتفاخ، والاعتقاد بأنك مركز حياة الآخرين، وبأنهم لا يمكنهم العيش دونك أو دون تواجدك في حياتهم، ذلك أيضاً يظهرك شخصاً فوقياً تحتقر الآخرين ولا تمنحهم تلك الأهمية التي يستحقونها، فلا أحد سيموت إذا لم يوجد في حياة الآخر، الحياة ستمضي بنا وبغيرنا، فلماذا لا نجعلها تمضي بيسر وبأقل قدر من التعقيدات والعقد والأوهام المميتة؟

نحن محاطون في هذه الحياة بمئات بل بآلاف الأشخاص، بعضهم قريب جداً، أصدقاء وعائلة وأحبة وشركاء وزملاء عمل، وبعضهم نتشابك معه بحسب مقتضيات الحياة، من بين هؤلاء الآلاف هناك طيبون ومخلصون جداً، وهناك حمقى ومرضى وحاسدون وكارهون يغلفون أمراض قلوبهم بابتسامات فاتنة، فقط لا تقترب كثيراً ولا تمنح أكثر مما يحب، وفي كل الأحوال اختبر الناس أولاً واختبر نفسك قبل ذلك!

مشكلتنا في الحياة هي الاندفاع صوب الآخرين أكثر مما يقتضيه الحال، إن هذا الاندفاع وهذا القرب لا يسمح بالرؤية الجيدة، يجعل المشاعر مختلطة وغير محايدة، ويجعل العطاء والبذل غير متزن كذلك، ومن هنا تظهر بقية الأزمات والمشاعر السلبية: الحسد والغيرة وعدم التقدير..

Email